الإلزام، لفرض أن هذا الحديث ورد في مورد الامتنان، ومن المعلوم أن المنة إنما هي في رفع الحكم الإلزامي، وأما رفع الحكم غير الإلزامي فلا منة فيه أبدا.
فإذا هذا الحديث يرفع الإلزام عن عبادة الصبي فحسب، لا أصل المحبوبية عنها، وعلى هذا فتكون عباداته مشروعة لا محالة.
فالنتيجة: أنه مع قطع النظر عن تلك الروايات يمكن إثبات مشروعية عباداته.
ولنأخذ بالمناقشة على هذه النظرية، وملخصها: أنا قد ذكرنا غير مرة: أن الوجوب عبارة عن اعتبار المولى الفعل على ذمة المكلف، وإبرازه في الخارج بمبرز من لفظ أو نحوه، ولا نعقل له معنى ما عدا ذلك، وعلى هذا فليس في مورد تلك العمومات إلا اعتبار الشارع الصلاة والصوم والحج وما شاكلها على ذمة المكلف وإبرازه في الخارج بها، أي: بتلك العمومات.
غاية الأمر إن قامت قرينة من الخارج على الترخيص فينتزع منه الاستحباب، وإلا فينتزع منه الوجوب، وحيث إنه لا قرينة على الترخيص في موارد هذه العمومات فلا محالة ينتزع منه الوجوب، وقد عرفت أنه لا شأن له ما عدا ذلك.
وعلى هذا الضوء فحديث " الرفع " وهو قوله (عليه السلام): " رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم " (1) يكون رافعا لذاك الاعتبار، أي: اعتبار الشارع هذه الأفعال على ذمة المكلف، فيدل على أن الشارع لم يعتبر تلك الأفعال على ذمة الصبي، وعليه، فكيف يمكن إثبات مشروعية عباداته بهذه العمومات لفرض أن مفاده هو: أن قلم الاعتبار والتشريع مرفوع عنه في مقابل وضعه واعتباره في ذمته؟ فإذا تلك العمومات أجنبية عن الدلالة على مشروعية عباداته بالكلية.
وبكلمة أخرى: أن الأمر سواء كان عبارة عن الإرادة أو عن الطلب أو عن الوجوب أو عن الاعتبار النفساني المبرز في الخارج بمبرز ما بسيط في غاية