نعم، يمكن إرجاع البحث في هذه المسألة إلى البحث عن أحوال المبدأ والمعاد، بتقريب: أن يجعل البحث فيها عن قبح صدور الأمر والنهي منه تعالى بالإضافة إلى شئ واحد، وعدم قبح ذلك منه تعالى، وبهذه العناية وإن كانت من المسائل الكلامية إلا أن البحث فيها ليس عن هذه الجهة في شئ، بل قد عرفت أن البحث فيها عن السراية وعدمها بعد ما تعلق الأمر بطبيعة والنهي بطبيعة أخرى واتفق انطباقهما على شئ فعندئذ يقع الكلام في سراية النهي من متعلقه إلى ما تعلق به الأمر وعدم سرايته. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: قد ذكرنا: أن الضابط لكون المسألة أصولية أو كلامية أو غيرهما إنما هو جهة البحث في تلك المسألة (1):
فإن كانت الجهة مما يترتب عليه الغرض الأصولي تكون المسألة أصولية.
وإن كانت مما يترتب عليه الغرض الكلامي تكون كلامية... وهكذا، كما هو واضح.
وحيث إنه يترتب على البحث عن هذه المسألة غرض أصولي فهي من المسائل الأصولية، لا غيرها.
الثالث: أنها من المبادئ الأحكامية، والمراد بها: ما يكون البحث فيه عن حال الحكم: كالبحث عن أن وجوب شئ هل يستلزم وجوب مقدمته، أو حرمة ضده أم لا؟ والبحث في هذه المسألة في الحقيقة بحث عن حال الأحكام من حيث إمكان اجتماع اثنين منها في شئ واحد وعدم إمكانه. وعليه، فتكون المسألة من المبادئ الأحكامية، كما هو الحال في بقية مباحث الاستلزامات العقلية.
ويرده: أن المبادئ لا تخلو من أن تكون مبادئ تصورية أو مبادئ تصديقية فلا ثالث لهما.
والمبادئ التصورية: عبارة عن تصور نفس الموضوع والمحمول بذاتهما وذاتياتهما.
والمبادئ التصديقية: هي التي تكون مبدأ للتصديق بالنتيجة، فإنها عبارة