حسب مبنى العدلية، وكل شئ كان فيه المفسدة لا يليق لأن يتقرب به منه تعالى (1).
وبعبارة أخرى: في كل مورد ثبت النهي يثبت استحقاق العقاب والعتاب، ويلزم البعد والحزازة، وكل فعل كان مآله إلى هذه الأمور، لا يصلح لأن يتقرب به منه تعالى وتقدس.
وفيه: - مضافا إلى عدم جريان التقريب الأخير في النهي الغيري - أنه لا يتم في صورة عدم تنجز التكليف. ودعوى استكشاف المفسدة بالنهي الساقط لأجل الجهل (2)، غير مسموعة.
ومن الغريب توهم: أن النهي يسقط دلالته المطابقية في صورة عدم تنجزه، دون دلالته الالتزامية وهو كشفه عن المفسدة (3)، فإذن يمكن الدعوى المزبورة، ضرورة أن صيغة النهي لا تدل على شئ لأجل نيابتها مناب الزجر العملي الخارجي، فإذا كانت باقية على نيابتها يمكن دعوى التلازم العقلي - حسب مذهب العدلية - بينها وبين المفسدة، وإلا فلا!!
لأنه ليس من قبيل الدلالة الالتزامية التي تكون مورد الخلاف في أنها باقية عند انتفاء دلالة المطابقة، أو هي أيضا تزول، أو الخلاف في بقاء حجيتها، فلا تغفل، ولا تخلط.
هذا مع أن التبعية في أمثال المقام قطعية. مضافا إلى عدم اقتضاء المفسدة بما هي هي للفساد، ضرورة إمكان كون العبادة ذات مفسدة، فإذا كانت هي محرزة تكون غالبة، وأما إذا لم تكن محرزة تكون مغلوبة، ويبقى إمكان التقرب بالعبادة على حاله، وتكفي هذه المصلحة المتقومة بها صحة العبادة.