هذا مع أن قبح التشريع المطلق، لا يكفي لفساد العبادة كما لا يخفى.
ثم إنك قد عرفت: أن الحرمة الذاتية قاصرة عن استتباع الفساد والحكم الوضعي تكوينا، فليغتنم.
هذا مع أنه في مورد الحرمة الذاتية يكون العمل الخارجي محرما، وأما في مورد الحرمة التشريعية، فكون العمل الخارجي ذا نهي حتى لا يجتمع مع الأمر، أو يكون مبغوضا، أو ذا مفسدة حتى لا يصلح لأن يكون مقربا وعبادة، محل المناقشة، بل محل منع.
قال العلامة المحشي (رحمه الله): " قد ذكرنا في بحث التجري أن عنوان " التجري وهتك الحرمة " من وجوه الفعل وعناوينه، وأن العبد بفعل ما أحرز أنه مبغوض المولى يكون هاتكا لحرمته، وإلا فمجرد العزم عليه عزم على هتك حرمته، كذلك البناء على فعل ما لم يعلم أنه من الدين بعنوان أنه منه وإن كان فعلا نفسيا وإثما قلبيا، إلا أنه بناء على التصرف في سلطان المولى، حيث إن تشريع الأحكام من شؤون سلطانه، فبفعل ما لم يعلم أنه من الدين بعنوان أنه منه يكون هاتكا لحرمة مولاه، ومتصرفا في سلطانه " (1) انتهى.
وهذا وجه آخر لتحريم الفعل التشريعي بتطبيق كبرى أخرى محرمة عليه.
وفيه أولا: أن هتك الحرمة ليس من المحرمات الشرعية، بل هو من المقبحات العقلائية أو العقلية في محيط خاص حسب العادات، ولو كان حراما شرعا وقبيحا عقلا، لما كان قابلا للاستثناء والتخصيص.
مثلا: هتك حرمة المسجد لو كان محرما شرعا ومقبحا عقلا، لما كان يرخص الشرع في موجباته التي لا شبهة في جوازها، كالنوم، والنخامة، والبصاق فيها، وغير ذلك من المكروهات.