الملاك والأمر مع عدم النهي التحريمي وغيره، فلا تخلط.
الوجه الرابع: أن الوجوه المشار إليها كلها مشتركة في تصديها لإثبات أن النهي - بما هو هو، أو بما هو دال على الحرمة والمبغوضية والمفسدة، أو بما هو مستتبع للعقاب والعتاب - يمنع عن إمكان التقرب بالعبادة، فيلزم فسادها، وقد منعنا ذلك، وذكرنا إمكان ذلك، وعدم تمامية المانعية المزبورة تكوينا.
والذي هو الوجه الوحيد: هو أن النواهي كما تكون في صورة إرشاديتها، موجبة لتقييد مورد الأمر، ومفيدة للشرطية والجزئية والمانعية، بناء على تصويرها، كذلك هي تكون في مورد كونها تحريمية مستتبعة لتقييد المأمور به بالأمر العبادي، وموجبة لإفادة كون متعلق الأمر مشروطا بعدم اقترانه بما تعلق به النهي، فيكون باطلا وفاسدا، لأجل الإخلال بالشرط، أو الجزء، أو الوصف وغيرها.
وقد مر: أنه في موارد تعلق النهي بذات العبادة، أيضا يلزم اشتراط كون الصوم في غير يوم العيدين (1)، فعلى هذا لا فرق بين تعلق النواهي بالذوات، أو بالأجزاء والشرائط والأوصاف والحالات وغيرها.
فبالجملة: لا نريد إثبات الحكم الوضعي من ناحية الحرمة التكليفية، ومن ناحية البغض والمفسدة، بل نريد أن نقول: إن النهي التحريمي يمكن أن يكون - مضافا إلى تحريميته - إرشادا إلى القيدية والشرطية.
إن قلت: كيف يعقل الجمع بين التحريمية والإرشادية، مع أن الأصحاب قسموا النواهي والأوامر إليهما، والأقسام متقابلات لا يجمعها الصيغة الواحدة في الاستعمال الواحد.
قلت: ليس المراد من التقسيم إفادة المقابلة، بل النظر إلى أن الأمر أو النهي لا يخلوان من أحد الأمرين من غير منع عن جمعهما.