ومع التردد فهما موافقان لرأي أبي حنيفة كما يظهر من الخلاف (1) وغيره، إلا أنه أطلق الترك في الأوليين بحيث يشمل ما لو كان عمدا، ومع ذلك فهما معارضان بالمعتبرة الظاهرة فيما ذكرناه ظهورا تاما.
ففي الموثق: إذا نسي أن يقرأ في الأولى والثانية أجزأه تكبير الركوع والسجود. الحديث (2).
وفي القوي: عن الرجل يقوم في الصلاة، فينسى فاتحة الكتاب، قال:
فليقل - إلى أن قال -: فإذا ركع أجزأه إن شاء الله إلى (3).
وفي الخبر: عن رجل نسي أم القرآن، إن كان لم يركع فليعد أم القرآن (4).
وهي ظاهرة في إجزاء الركوع وتسبيحه عن القراءة إذا شرع فيهما ولو وجبت القراءة في الأخرتين تداركا لما صدق معه الاجزاء جدا.
هذا، وفي الصحيح: في الرجل يسهو عن القراءة في الأوليين، فيذكر في الأخيرتين؟ قال: أتم الركوع والسجود؟ قلت: نعم، قال: إني أكره أن أجعل آخر صلاتي أولها (5). وفي قوله: " أتم الركوع إلى آخره " إشارة إلى ما أفادته الأخبار السابقة من إجزائه عن القراءة قبله، وفي قوله: " أكره " رد على أبي حنيفة حيط جعل الأخيرتين كالأوليين في تحتم القراءة فيهما، وفيه حينئذ دلالة على أفضلية التسبيح، بكراهة القراءة كما اعتبر فيه جماعة، حاكين القول بها عن العماني (6)، ولكن الأحوط القراءة خروجا عن شبهة الخلاف في المسألة.