واعلم: أن شيخنا في الروضة بعد اختياره مذهب الأصحاب وتحقيقه الأمر في النية قال - ولنعم ما قال -: وقد تلخص من ذلك أن المعتبر في النية أن يخطر بباله - مثلا - صلاة الظهر الواجبة المؤداة، ويقصد فعلها لله تعالى، وهذا أمر سهل، وتكليف يسير قل أن ينفك عن ذهن المكلف عند إرادته الصلاة، وكذا غيرها، وتجشمها - زيادة على ذلك - وسواس شيطاني قد أمرنا بالاستعاذة منه والبعد عنه (1).
(ولا يشترط نية القصر والاتمام) مطلقا (ولو كان) المصلي المدلول عليه بالمقام (مخيرا) بينهما فيما جزم به كثير من الأصحاب على الظاهر المصرح به في الذكرى (2)، واستدل عليه في المنتهى.
فقال: أما في مواضع لزوم أحدهما فلا يفتقر إلى نيته، لأن الفرض متعين له. وأما في مواضع التخيير كالمسافر في أحوط المواطن الأربعة فلا يتعين أحدهما بالنية، بل جائز له أن يقتصر على الركعتين، وجائز أن يتم، فلا يحتاج إلى التعيين (3). وقريب منه كلام المحقق الثاني في شرح القواعد (4)، وهو حسن على ما قدمنا.
إلا أن في التعليل الأول منافاة لما ذكروه: في اشتراط نية الوجه من اشتراك المتعبد به بين فصوله، لا يتعين لأحدها إلا بنيته، بناء على ما وجهناه به من أن المراد بالاشتراك الاشتراك بحسب نية المكلف لا الواقع.
وهذا الوجه جار في المقام، لامكان أن ينوي ما كلف به من قصر أو إتمام