فإن الانحراف اليسير عن الشئ مع البعد عنه يقتضي انحرافا فاحشا بينه وبين (1) محاذاته. فإنا إذا أخرجنا خطين من نقطة واحدة لم يزالا يزدادا بعدا كلما ازدادا امتدادا كما لا يخفى، وأيضا فلو كان جعله بين الكتفين محصلا للجهة كان الأمر بجعله على المجني لغوا، خاليا عن الحكمة (2). وإنما ذكرناه بطوله لحسن مفاده وجودة محصله.
(و) كذا منع هو وكثير من الأصحاب كالمحقق الثاني وجملة ممن تأخر عنهما عما (قيل) (3): من أنه (يستحب التياسر لأهل المشرق عن سمتهم قليلا).
قالوا (4): لأن البعد الكثير لا يؤمن معه الانحراف الفاحش بالميل اليسير.
(و) مع ذلك (هو) أي هذا الحكم (بناء) أي مبني (على أن (5) توجههم إلى الحرم) كما يستفاد من النصوص الدالة عليه:
منها: الخبر: عن التحريف لأصحابنا ذات اليسار عن القبلة، وعن السبب فيه فقال: إن الحجر الأسود لما أنزل به من الجنة، ووضع في موضعه جعل إنصاب الحرم من حيث يلحقه النور، نور الحجر، فهي عن يمين الكعبة أربعة