أقول: يمكن حمل إجمال الخبر الأول على هذا الخبر المذكور فيه اسم الرجل والمرأة فتكون القصة واحدة، وإن فصلت أحكامها في الرواية الأولى وأجملت في الثانية، وإلا فيشكل الجمع بينهما لو تعددت القصة.
وروى المرتضى علي بن الحسين في رسالة المحكم والمتشابه (1) نقلا من تفسير النعماني بإسناده إلى علي عليه السلام " قال: وأما المظاهرة في كتاب الله عز وجل فإن العرب كانت إذا ظاهر رجل منهم من امرأته حرمت عليه إلى آخر الأبد، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله كان بالمدينة رجل من الأنصار يقال له أوس بن الصامت وكان أول رجل ظاهر في الاسلام فجرى بينه وبين امرأته كلام، فقال لها: أنت علي كظهر أمي، ثم إنه ندم على ما كان منه، فقال: ويحك إنا كنا في الجاهلية تحرم علينا الأزواج في مثل هذا قبل الاسلام، فلو أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله فسألته عن ذلك، فجاءت المرأة رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبرته، فقال: ما أظنك إلا وقد حرمت عليه إلى آخر الأبد، فجزعت وبكت، وقالت: أشكو إلى الله فراق زوجي، فأنزل الله عز وجل " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها إلى قوله - والذين يظاهرون من نسائهم " الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: قولي لأوس زوجك يعتق نسمة فقالت: وأنى له نسمة، والله ماله خادم غيري، قال: فيصوم شهرين متتابعين، قالت: إنه شيخ كبير لا يقدر على الصيام، قال فمريه فليتصدق على ستين مسكينا فقالت: وأنى له الصدقة، فوالله ما بين لابتيها أحوج منا، قال: فقولي له فليمض إلى أم المنذر فليأخذ منها شطر وسق تمر فليتصدق على ستين مسكينا " الحديث.
أقول: هذا الخبر لا يخلو من الاشكال، فإن ما تضمنه من وجوب الكفارة يرده ظاهر الآية بالتقريب الذي قدمنا ذكره، وما صرح به في الخبر الأول من العفو والمغفرة عن الأول، وأن الكفارة إنما على من علم بالتحريم بعد هذه القصة ثم ظاهر لقوله عليه السلام " فمن قالها بعد ما عفا الله وغفر للرجل الأول فإن عليه تحرير