معه امتثالا للأوامر الشرعية، والقيام بما هو الواجب عليها من حقوقه، ولكن لما كان ذلك على خلاف الغالب والطريقة الجارية بين الناس لم يلتفت إليه الأصحاب وبنوا الأمر على الغالب، وفي كلام العقلاء والظاهر أنه في بعض الأخبار " ما أضمر أحدكم شيئا إلا أظهره الله تعالى على صفحات وجهه وفلتات لسانه ".
وفي المقام حكاية يناسب ذكرها وهو أن رجلا مرض مرضا شديدا، وكان له زوجة تقوم عليه وتخدمه خدمة فائقة لم يرى مثلها في الأزواج، فلما من الله عليه بالصحة قال لزوجته: إن لك علي حقا من أعظم الحقوق أحب أن أكافيك به وأجازيك عليه، وهو أنك قد خدمتني سيما في هذا المرض خدمة زائدة، فاطلبي ما تريدين، فإنه لا بد لي من مكافأتك، فقالت له: إله عن هذا، فإني لا أطلب شيئا، فألح عليها وأكد تمام التأكيد بحيث إنها لم تجد دفعا له، فقالت إن كان ولا بد فإني أطلب الطلاق منك، فتعجب الرجل غاية العجب، وقال:
إنك بهذه المحبة التي تظهر منك بهذه الخدمة العظيمة في الصحة والمرض كيف تطلبين الطلاق؟ فقالت: اعلم إني منذ تزوجت بك فإني كارهة لك تمام الكراهة وإنما كانت هذه الخدمة مني امتثالا لأمر الله سبحانه في القيام بما أوجبه علي من حقوقك، والظاهر أن الرجل أجابها إلي الطلاق بعد ذلك.
ثم إن ما ذكروه من قولهم " ولو طلق صح الطلاق.. إلخ " فالمراد أنه لو لم يقع بلفظ الخلع وإنما وقع بلفظ الطلاق بعوض فإن الطلاق يكون صحيحا، ولكنه يصير رجعيا لا بائنا، ولم تسلم له الفدية لما عرفت من الأخبار المتكاثرة المتقدمة من أن الفدية لا تحل إلا بتلك الأقوال المنكرة التي هي كناية عن مزيد الكراهة، والمفروض هنا أن الأخلاق ملتئمة، وهذا هو المشهور، وقيل:
بالبطلان، وقد تقدم الكلام في ذلك في آخر الموضع الرابع من المقام الأول في الصيغة، ويأتي على ما ذهب إليه شيخنا الشهيد الثاني كما قدمنا البحث فيه معه في الموضع المذكور أنه يقع الطلاق هنا موقع الخلع ويترتب عليه ما يترتب على