مقام الطلاق أو هو الطلاق ليس إلا اللفظ الدال على الإبانة بالعوض، فبدونه لا يكون خلعا، فلا يتحقق رفع الزوجية بائنا ولا رجعيا، وإنما يتم إذا أتبعه بالطلاق ليكونا أمرين متغايرين لا يلزم من فساد أحدهما فساد الآخر، فيفسد حينئذ الخلع لفوات العوض ويبقى الطلاق المتعقب له رجعيا لبطلان العوض الموجب لكونه بائنا، قال: وهذا أقوى.
أقول: وفيه أن ما اختاره هنا من صحة الطلاق رجعيا ينافي ما صرح به في غير موضع مما تقدم من أن العقد المشتمل على شرط فاسد يجب أن يكون باطلا، لأن الواقع غير مقصود، والعقود بالقصود، وما قصد غير واقع، فإنه آت في هذا المقام، إذ القصد هنا إنما توجه إلى الخلع بهذا البذل والبينونة به ولم يتعلق بمجرد الطلاق الرجعي، فالطلاق الرجعي غير مقصود، والمقصود وهو البائن غير صحيح ولا واقع لعدم البذل، فإن وجوده هنا كعدمه. ومن هنا ينقدح قول ثالث وهو البطلان مطلقا. هذا إذا كان عالما كما تقدمت الإشارة إليه.
أما لو كان جاهلا بعدم ماليته كما لو ظنه خلا فبان خمرا، أو ظنه عبدا فظهر حرا، فظاهر الأصحاب كما صرح به المحقق في الشرائع والعلامة في القواعد هو صحة الخلع وكان له بقدر الخمر خلا كما لو أمهرها ذلك فظهر كونه كذلك.
وعلله في المسالك قال: لأن تراضيهما على المقدار من الجزئي المعين الذي يظنان كونه متمولا يقتضي الرضا بالكلي المنطبق عليه، لأن الجزئي مستلزم له فالرضا به يستلزم الرضا بالكلي، فإذا فات الجزئي لمانع عدم صلاحيته للملك بقي الكلي ولأنه أقرب إلى المعقود عليه.
ثم قال: ولم ينقلوا هنا قولا في فساده ولا في وجوب قيمته عند مستحليه كما ذكروه في المهر مع أن الاحتمال قائم فيه.
أما (الأول) فلفقد شرط صحته وهو كونه مملوكا والجهل به لا يقتضي الصحة، كما لو تبين فقد شرط في بعض أركان العقد.