للقصود، لأن قصد التخلص من الربا إنما يتم مع القصد إلى بيع صحيح أو قرض أو غيرهما من الأنواع المذكورة وذلك كاف في القصد، إذ لا يشترط في القصد إلى عقد قصد جميع الغايات المترتبة عليه، بل يكفي قصد غاية صحيحة من غاياته فإن من أراد شراء دار مثلا ليؤاجرها ويكتسب بها فإن ذلك كاف في الصحة، وإن كان لشراء الدار غايات أخر أقوى من هذه وأظهر في نظر العقلاء، وكذا القول في غير ذلك من أفراد العقود، وقد ورد في أخبار كثيرة يدل على جواز الحيلة على نحو ذلك، انتهى.
والواجب هنا ذكر جملة مما خطر بالبال من الأنواع التي توصل إلى تحليلها بالاحتيال والتمييز بين صحيحها وفاسدها زيادة على ما تقدم سيما في باب الربا من كتاب البيع وكتاب الشفعة.
(ومنها) ما اشتهر في هذه الأوقات من أنه إذا كان في ذمة الرجل ألف درهم من وجه الخمس أو الزكاة فإنه يبيع سلعة قيمتها مائة درهم على فقير بألف درهم ثم يحتسب عليه الثمن بما في ذمته من وجه الخمس أو الزكاة، وهذا البيع بحسب القواعد الشرعية صحيح إذا وقع بالتراضي من الطرفين ومعرفة المبيع من الجانبين، ولكن إذا نظرت إلى الواقع وأنه لم يدفع في الحقيقة من تلك الألف إلا مائة درهم خاصة حصل الاشكال في حصول البراءة من الزائد بهذه الحيلة، وكانت قريبة من حيلة اليهود في اسقاط ما حرم الله عليهم.
ولا يبعد أن يقال إن الذمة مشغولة بهذا المبلغ بيقين، ولا تبرأ إلا بيقين دفعه كملا، وحصول الدفع بهذه الحيلة غير معلوم يقينا على أنه يمكن أن يقال: إن في صحة هذا البيع إشكالا، لأنه وإن صح البيع في أمثاله بزيادة على الثمن الواقعي أضعافا مضاعفة إلا أنه مخصوص بقصد المشتري إلى دفع الثمن ورضاه بالمبيع بهذا الثمن، وفيما نحن فيه ليس كذلك، فإن المشتري إنما رضي بالشراء بهذا الثمن من حيث علمه بأنه لا يؤخذ منه، وإلا فمن المجزوم به أنه لا يرضى بدفع هذا الثمن في مقابلة هذا المبيع اليسير كما هو المفروض.