قد روى الكليني عن (عمدة) عن سهل بن زياد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة ما قلناه وهذا طريق غير طريق الهمداني الا ان يفرق بين الحذاء وبين نعل الحذو واستحب المحقق في المعتبر الحفا لأنه موضع اتعاظ فناسب التذلل بالخفاء ولقول النبي صلى الله عليه وآله من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار ورفع اليدين في كل تكبيرة أجمع العلماء كافة على ما نقله جماعة من الأصحاب على استحباب رفع اليدين في التكبيرة الأولى واختلفوا في البواقي فذهب الأكثر منهم المفيد والمرتضى والشيخ في النهاية والمبسوط وابن إدريس إلى أنه غيره مستحب وذهب الشيخ في كتابي الاخبار إلى أنه مستحب في الجميع واختاره الفاضلان حجة الأول ما رواه الشيخ عن غياث بن إبراهيم في الموثق عن أبي عبد الله (ع) انه كان لا يرفع يده في الجنازة الامرة واحدة يعني في التكبير ورواه باسناد اخر عن غياث مرسلا ورواه في الاستبصار عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه عن علي (ع) انه كان الحديث وعن إسماعيل بن إسحاق بن ابان الوراق عن جعفر عن أبيه (ع) قال كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) يرفع يده في أول التكبير على الجنازة ثم لا يعود حتى ينصرف وراوي هذه الرواية غير مذكور في كتب الرجال وفي طريقها سلمة بن الخطاب وهو ضعيف وحجة الثاني ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن العرزمي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال صليت خلف أبي عبد الله (ع) على جنازة فكبر خمسا يرفع يديه في كل تكبيرة وعن يونس باسناد فيه ضعف قال سألت الرضا (ع) قلت جعلت فداك ان الناس يرفعون أيديهم في التكبير على الميت في التكبيرة الأولى ولا يرفعون فيما بعد ذلك فاقتصر على التكبيرة الأولى كما يفعلون أو ارفع يدي في كل تكبيرة فقال ارفع يديك في كل تكبيرة وعن محمد بن عبد الله بن خالد مولى بني الصيد انه صلى خلف جعفر بن محمد على جنازة فرآه يرفع يديه في كل تكبيرة وفي طريقها عدة من المجاهيل وأجاب الشيخ عن الروايتين الأوليين بالحمل على التقية أو على أن الغرض فيها بيان الجواز ورفع الوجوب وهو حسن وفي رواية يونس تأييد ما للحمل الأول وبالجملة ترجيح هذه الأخبار بحسب السند بناء على صحة الأولى منها مع قرب ارتكاب التأويل المذكور في الخبرين السابقين مع المسامحة في أدلة السنن كاف لترجيح هذا القول وإن كانت الشهرة ترجيح القول الأول واما ما قال المحقق في المعتبر بعد ايراد الاخبار من الطرفين ما دل على الزيادة أولي ولان رفع اليدين مراد لله في أول التكبير وهو دليل الرجحان فيسوغ في الباقي تحصيلا للأرجحية ولأنه فعل مستحب فجاز ان يفعل به مرة ويخل به أخرى فلذلك اختلف الروايات فيه ففيه نظر لا يخفى على المتدبر واما رفع اليدين حاله الدعاء للميت فلم يرد به نص خاص قال الشارح الفاضل وعمل الطائفة الان عليه ولا يبعد استحبابه لدخول ذلك في اطلاق ما دل على الامر برفع اليد حال الدعاء ولا يصلى عليه الابعد غسله وتكفينه حيث يجبان وهذا قول العلماء كافة حكاه بعض الأصحاب وذلك لان النبي صلى الله عليه وآله كان يفعل ذلك وكذلك الأئمة (ع) وكذا الصحابة والتابعون فيجب فعله لعدم ثبوت شرعية خلاف وعدم حصول البراءة اليقينية من التكليف الثابت بغيره فان فقد الكفن جعل في القبر وسترت عورته ثم يصلى عليه بعد ذلك ذكره الأصحاب واستدلوا عليه بما رواه ابن بابويه والشيخ عن عمار الساباطي في الموثق قال قلت لأبي عبد الله (ع) ما تقول في قوم كانوا في سفر لهم يمشون على ساحل البحر فإذا هم برجل ميت عريان قد لقطه البحر وهم عراة ليس معهم الا ازار فكيف يصلون عليه وهو عريان وليس معهم فضل ثوب يكفنونه به قال يحفر له ويوضع في لحده ويوضع اللبن على عورته فيستر عورته باللبن والحجر ويصلى عليه ثم يدفن ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ عن محمد بن أسلم عن رجل من أهل الجزيرة قال قلت لأبي الحسن الرضا (ع) قوم كسر بهم في بحر فخرجوا يمشون على الشط فإذا هم برجل ميت عريان والقوم ليس عليهم الا مناديل متزرين بها وليس عليهم فضل ثوب يوارون الرجل فكيف يصلون عليه وهو عريان فقال إذا لم يقدروا على ثوب يوارون به عورته فليحفروا قبره ويضعوه في لحده يوارون عورته بلبن أو أحجار أو تراب ثم يصلون عليه ثم يوارونه في قبره ومقتضى اطلاق الامر بالستر عدم اناطته بوجود الناظر وذكر الشهيد في الذكرى انه أمكن ستره بثوب صلى عليه قبل الوضع في اللحد وتبعه الشارح الفاضل مصرحا بالوجوب والرواية الأخيرة دالة عليه وإن كان اطلاق الرواية الأولى يدفعه ولو فاتت الصلاة عليه قبل دفنه صلى على قبره يوم وليله اختلف الأصحاب في هذه المسألة فذهب الأكثر منهم الشيخان وابن البراج وابن إدريس والكيدري وابن حمزة والمحقق في الشرايع والمصنف ههنا إلى جواز الصلاة على القبر يوما وليلة ممن فاتته الصلاة عليه قبل الدفن واطلاق كلامهم يقتضي جواز الصلاة عليه كذلك وإن كان الميت قد صلي عليه قبل الدفن وقال سلار يصلى عليه إلى ثلاثة أيام ويظهر من كلام الشيخ في الخلاف ان به رواية وقال ابن الجنيد يصلى عليه ما لم يتغير صورته ولم اطلع على مستند لشئ من هذه التقديرات واعتراف المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى بعدم الاطلاع على ذلك وقال ابن بابويه من لم يدرك الصلاة على الميت صلى على القبر ولم يقدر لها وقتا وقربه الشهيد في البيان وأوجب المصنف في المختلف الصلاة على من دفن بغير صلاة ومنع من الصلاة على غيره وحكم المحقق في المعتبر بعدم وجوب الصلاة بعد الدفن مطلقا قال ولا امنع الجواز وقواه المصنف في المنتهى والأقرب عندي انه تجوز الصلاة على القبر لمن فاتته الصلاة من غير تحديد كما ذهب إليه ابن بابويه وانه يجب الصلاة عليه إذا دفن بغير صلاة إما الأول لما رواه الشيخ عن هشام بن سالم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال لا باس ان يصلي الرجل على الميت بعدما يدفن وفي الصحيح عن عبد الله بن مسكان عن مالك مولى الجهم عن أبي عبد الله (ع) قال إذا فاتتك الصلاة على الميت حتى يدفن فلا باس بالصلاة عليه وقد دفن وعن عمرو بن جميع عن أبي عبد الله (ع) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا فاتته الصلاة على الميت صلى على القبر وروى أن النبي صلى الله عليه وآله صلى على قبر مسكينه دفنت ليلا واما الثاني فلما دل على وجوب الصلاة على كل مسلم إذ لا دليل على الاستثناء فان قلت كثير من الروايات يدل على المنع من الصلاة عليه بعد الدفن منها ما رواه الشيخ عن يونس بن ظبيان في الضعيف عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يصلي على قبر أو يقعد عليه أو يبنى عليه ومنها موثقة عمار المذكورة عند (صريح) قول المصنف وجعل رأس الجنازة إلى يمين المصلي ومنها موثقة عمار السابقة في المسألة المتقدمة ومنها ما رواه الشيخ عن عمار أيضا في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال الميت يصلي عليه ما لم يوار بالتراب وإن كان قد صلى ومنها ما رواه عن يونس بن يعقوب في الصحيح والموثق عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الجنازة لم ادركها حتى بلغت القبر أصلي عليها قال إن أدركتها قبل ان يدفن فان شئت فصل عليها ومنها ما رواه عن محمد بن أسلم عن رجل من أهل الجزيرة قال قلت للرضا (ع) يصلي على المدفون بعد ما يدفن قال لا لو جاز لاحد لجاز لرسول الله صلى الله عليه وآله قال بل لا يصلى على المدفون ولا على العريان ومنها (ما رواه عن) زرارة أو محمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم بن هاشم ونوح بن شعيب قال الصلاة على الميت بعدما يدفن انما هو الدعاء قال قلت فالنجاشي لم يصلي عليه النبي عليه واله السلام قال لا انما دعى له قلت إما الرواية الأولى فضعيف السند جدا مع أن النهي عن الصلاة على القبر لا يدل على أن المراد منه الصلاة على الميت لجواز ان يكون المراد منه إقامة الصلاة على القبور ويكون النهى محمولا على الكراهة واما الرواية الثانية فواردة في صورة خاصة فالتعدية إلى غيرها يحتاج إلى دليل اخر واما الرواية الثالثة فحملها على صورة الاختيار حمل قريب ومحمل ظاهر فلا يدل على صورة الفوات واما الرواية الرابعة فمحمولة على الاستحباب المؤكد يعني يصلي عليها على سبيل الاستحباب المؤكد وان صلى عليها ما لم يوار بالتراب وان قرئ الفعل بصيغة المعلوم لم يكن مدلول الخبر منافيا لما قدمناه واما الرواية الخامسة فمحمولة على نفى تأكد الاستحباب بعد الدفن واما الرواية السادسة فضعيف السند مع كونها معارضة بأقوى منها ويمكن حملها على صورة عدم الفوات واما السابعة فمع الإغماض عن سندها حيث لم يسند إلى الإمام (ع) مطلق بالنسبة إلى ما دل على جواز الصلاة لمن فاتته والمقيد حاكم على المطلق وهذا التأويل أقرب من حمل الصلاة في الاخبار الأولة على الدعاء وكذا من حمل اخبار الجواز على صورة لم يصل على الميت كما فعله المصنف في الخلاف إذ التخصيص متقدر بقدر اقتضاء الدليل ولا دليل على التخصيص الزايد مما ذكرناه واما ما رواه الشيخ عن ابن أبي نصر في الصحيح عن الحسن بن موسى عن جعفر بن عيسى قال قدم أبو عبد الله (ع) مكة فسألني عن عبد الله بن أعين فقلت مات فقال مات قلت نعم قال فانطلق بنا إلى قبره حتى نصلي عليه قلت نعم فقال لا ولكن نصلي عليه ههنا فرفع يديه يدعو واجتهد في الدعاء وترحم عليه فلا ينافي ما قربناه كما لا يخفى على التدبر احتج المحقق على
(٣٣٣)