والمستفاد من الاستثناء أن ظلم أحد المتعاهدين الآخر يوجب حل فتك المظلوم للظالم سواء كان البادي من اليهود أو المسلمين.
أقول: ورد في الحديث " أن الايمان قيد الفتك، فلا يفتك مؤمن " و " أن الاسلام قيد الفتك " أي: أن المؤمن لا يفتك قيده إيمانه و " إياك والفتك، فإن الاسلام قد قيد الفتك " (1).
وربما يتخيل أن هذا الحديث ينافي ما نقل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الأمر بالفتك أو تقريره كما في قصة كعب بن الأشرف، وأبي عفك، والعصماء بنت مروان، وابن سنينة، وأبي رافع، وكما ينافي ما ورد من الترخيص في بيات العدو.
وقد أجيب عن هذا التوهم بأمور:
1 - أن فتك أهل الحرب جائز استثناء عن هذا الحكم كما أشار إليه البخاري في كتاب الجهاد (4: 78) حيث عنون الباب ب " الفتك بأهل الحرب " واستشهد بحديث جابر، وأقره على ذلك شراحه كفتح الباري 6: 112 وعمدة القاري 14: 277 واحتمله في عون المعبود.
2 - أن هذه الأمور خارجة عن الفتك، لأن الفتك هو الغدر كما أشار إليه ابن عساكر، ولكن قد تقدم بقوله: " الفتك الخيانة " أي: القتل بعد المعاهدة والمهادنة