وتقييد العلم وإرشاد الساري للقسطلاني 1: 168 وعمدة القاري وفتح الباري وجامع بيان العلم والترمذي وأسد الغابة).
ظاهر الروايات الآتية أن هذه الخطبة التي خطب بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) اليوم الثاني من نزوله (صلى الله عليه وآله) مكة كانت مفصلة، فعلى هذا كتب لأبي شاه بعضها أو كتب له كلها، ولكن الراوي للكتاب أسقطها إلا هذا المقدار إلا أن يكون المكتوب خطبة أخرى خطبها (صلى الله عليه وآله) في زمان بعد الأولى.
الشرح:
حرمة البيت وحرمة الحرم ومكة مما دعى إليه أبو الأنبياء إبراهيم الخليل (عليه السلام) قال سبحانه: * (أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شئ) * القصص: 57 وقال: * (أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا) * العنكبوت: 67 وقال تعالى: * (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا) * البقرة: 126 وقال عز من قائل: * (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا) * إبراهيم: 35.
تدل الآيات الكريمة على أن إبراهيم (عليه السلام) دعى ربه بأن يجعل هذا البلد آمنا، ولكن الآيتين المتقدمتين تدلان على أنه تعالى جعل لهم حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم ورد عليهم قولهم: * (وقالوا إن نتبع الهدى نتخطف من أرضنا) * بقوله تعالى: * (أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شئ) * ومعناه أن أرضهم حرم آمن لا يتخطفون منها ولا يكون ذلك إلا بكون البلد وحواليه حرما آمنا، إذ لو لم يكن لهم أمن في رعيهم واحتطابهم وسائر أمورهم لما صح المن عليهم بأنه جعل لهم حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم، ولما صح الجواب عن قولهم * (إن نتبع الهدى نتخطف من أرضنا) *.
فالله سبحانه حرم البلدة وما حولها كما قال * (إنما أمرت أن أعبد رب هذه