الخير الذي كافيت به من استوجب ذلك مني، وكان عونا على الدعوة وغيظا لأهل التكذيب والتشكيك، ولئلا تكون الحجة لأحد من أهل الذمة على أحد ممن انتحل ملة الاسلام مخالفة لما وضعت في هذا الكتاب، والوفاء لهم بما استوجبوا مني واستحقوا، إذ كان ذلك يدعو إلى استتمام المعروف ويجر إلى مكارم الأخلاق، ويأمر بالحسنى وينهى عن السوء، وفيه اتباع الصدق، وإيثار الحق إن شاء تعالى ".
23 - وكتب سجلا نسخته:
" بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب كتبه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب رسول الله إلى الناس كافة، بشيرا ونذيرا، ومؤتمنا على وديعة الله في خلقه، ولئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل والبيان، وكان عزيزا حكيما.
للسيد ابن الحارث بن كعب ولأهل ملته، ولجميع من ينتحل دعوة النصرانية في شرق الأرض وغربها، قريبها وبعيدها فصيحها وأعجمها، معروفها ومجهولها، كتابا لهم عهدا مرعيا وسجلا منشورا، سنة منه وعدلا وذمة محفوظة، من رعاها كان بالاسلام متمسكا، ولما فيه من الخير مستأهلا، ومن ضيعها ونكث العهد الذي فيها وخالفه إلى غيره، وتعدى فيه ما أمرت كان لعهد الله ناكثا، ولميثاقه ناقضا، وبذمته مستهينا وللعنة مستوجبا، سلطانا كان أو غيره، بإعطاء العهد على نفسي بما أعطيهم عهد الله وميثاقه، وذمة أنبيائه وأصفيائه، وأوليائه من المؤمنين والمسلمين في الأولين والآخرين، ذمتي وميثاقي وأشد ما أخذ الله على بني إسرائيل من حق الطاعة، وإيثار الفريضة، والوفاء بعهد الله أن أحفظ أقاصيهم في ثغوري بخيلي، ورجلي، وسلاحي، وقوتي، وأتباعي من المسلمين في كل ناحية من نواحي العدو بعيدا كان أو قريبا سلما كان أو حربا، وأن أحمي جانبهم وأذب عنهم، وعن كنائسهم، وبيعهم، وبيوت صلواتهم، ومواضع الرهبان، ومواطن السياح، حيث كانوا