ترهب من أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وتخشى عدله في الرعية ومساواته بين الناس في كل قضية، ولم يكن لأحد فيه مطمع ولا عنده لأحد هوادة، فالقوي العزيز عنده ضعيف ذليل حتى يأخذ منه الحق، والضعيف الذليل عنده قوي عزيز حتى يأخذ له بحقه، فمتى تخضع الأعراب طوعا لمثله * (وهم أشد كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله) * * (ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم) * وفيها بطانة لا يألونهم خبالا.
وأيضا فإن قريشا وسائر العرب كانوا يحسدونه على ما آتاه الله من فضله حيث بلغ في علمه وعمله رتبة - عند الله ورسله وأولي الألباب - تقاصر عنها الأقران وتراجع عنها الأكفاء، ونال من الله ورسوله بسوابقه وخصائصه منزلة تشرئب إليها أعناق الأماني، شأوا تنقطع دونه هوادي المطامع، وبذلك وثبت عقارب الحسد له في قلوب المنافقين واجتمعت على نقض عهده كلمة الفاسقين والناكثين والقاسطين والمارقين، فاتخذوا النص ظهريا وكان لديهم نسيا منسيا ".
2 - الكتاب الذي لم يكتب في غزو الأحزاب:
قال الطبري: عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري: " بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (يعني في غزوة الخندق) إلى عيينة بن حصن وإلى الحارث بن عوف بن أبي حارثة المري وهما قائدا غطفان فأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يرجعا بمن معهما عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه، فجرى بينه وبينهم الصلح حتى كتبوا الكتاب ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح إلا المراوضة في ذلك ففعلا، فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يفعل بعث إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فذكر ذلك لهما واستشارهما فيه فقالا: