ابنك من مواهب الله الهنيئة، وعواريه المستودعة، متعك به في غبطة وسرور، وقبضه منك بأجر كثير، إن صبرت واحتسبت فلا يجتمعن عليك يا معاذ: أن يحبط جزعك أجرك، فتندم غدا على ثواب مصيبة، علمت أن المصيبة قد قصرت عنك، واعلم أن الجزع لا يرد ميتا، ولا يدفع حزنا، فليذهب أسفك ما هو نازل بك فكان قد ".
الشرح:
" إلى معاذ " مر ترجمته عند ذكر كتب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أمرائه وبعوثه راجع الفصل الحادي عشر، وفي بعض النصوص: كتبه إلى بعض أصحابه يعزيه، ولم يصرح باسم المكتوب إليه كما في أعلام الدين ونزهة النواظر.
" أعظم الله لك " دعاء لمعاذ وكذلك قوله (صلى الله عليه وآله) " وألهمك الصبر ورزقنا وإياك الشكر " ثم بين (صلى الله عليه وآله) ما يوجب الصبر إذا توجه إليه العبد، لأنه إذا علم العبد أن الأنفس والأهالي والأموال وكل ما يملكه من مواهب الله تعالى التي أكرم بها الانسان وتفضل بها عليه، وكل كرامة الله عز وجل لعبده هنيئة، وعلم أيضا أن الدنيا وما فيها عوار بيد الانسان كضوء زائل وظل سائر لا يركن إليها عاقل، ولا يحرص عليها، ولا يغتر بها إلا الجاهل الغافل كما قال الشاعر:
ألا كل شئ ما خلا الله باطل * وكل نعيم لا محالة زائل وكل شئ هالك إلا وجهه و... حصل للعبد عندئذ الزهد في الفاني والرغبة في الباقي، وهان عليه فراقها بل اشتاق إلى الدار الباقية اشتياق التائق الوله وأنس بالآخرة واستعد للموت، فلو تذكر معاذ ما ذكره الرسول (صلى الله عليه وآله) لهان عليه ما دهاه من المصيبة ولزال عنه الجزع.