صورة الكتاب على نقل ابن سعد:
كتب رسول الله (صلى الله عليه وآله) لبني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة: " إنهم آمنون على أموالهم وأنفسهم، وإن لهم النصر على من دهمهم بظلم، وعليهم نصر النبي (صلى الله عليه وآله) ما بل بحر صوفة إلا أن يحاربوا في دين الله، وإن النبي إذا دعاهم أجابوه، عليهم بذلك ذمة الله ورسوله، ولهم النصر على من بر منهم واتقى ".
بحث تأريخي:
خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) يريد قريشا وبني ضمرة (قال الطبري 2: 403: قدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المدينة في شهر ربيع الأول لاثنتي عشرة ليلة مضت منه، فأقام بها ما بقي من شهر ربيع الأول وشهر ربيع الآخر وجماديين ورجب وشعبان ورمضان وشوالا وذا القعدة وذا الحجة - وولي تلك الحجة المشركون - والمحرم وخرج في صفر غازيا على رأس اثني عشر شهرا من مقدمه المدينة لثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول) حتى بلغ ودان يريد قريشا وبني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وهي غزوة الأبواء، فوادعته فيها بنو ضمرة، وكان الذي وادعه منهم عليهم سيدهم كان في زمانه ذلك مخشي بن عمرو رجل منهم.
أقول: الذي تحصل بعد الامعان والتدبر فيما قدمنا في الفصل الثامن في ذكر كتابه (صلى الله عليه وآله) لبني ضمرة في الموادعة على أن لا يغزو بني ضمرة ولا يغزونه، ولا يكثروا عليه جمعا، ولا يعينوا عدوا، وأنه لم يرو نصه، والتدبر في هذا الكتاب يعطي:
أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج إلى الأبواء فوادعهم وكتب الكتاب الأول، ثم بعد أن استقر الاسلام وغلب جنود الاسلام وفد بنو ضمرة وكتبوا هذا الكتاب الثاني، وأما احتمال اتحادهما فبعيد جدا، لما بين المضمونين من المضادة والمنافاة، والذي يورث العجب ما في الحلبية حيث ذكره أولا المضمون الأول، ثم قال: وكتب بينه وبينهم