أخذ الظالم بظلمه بأي نحو كان.
بعض المواد كرر كما هو واضح إما لأجل كون الوثيقة متعددة بالأصل، ثم نقل الناقلون الوثيقة مجتمعة كما احتمله الدكتور عون الشريف قاسم في كتابه:
" نشأة الدولة الاسلامية " أو من أجل أن الرواة نقلوا مواد الوثيقة مع التقديم والتأخير، فنقلها أصحاب السيرة كابن هشام وأبي عبيد، وجمعوا بين الروايات من دون توجه إلى التقديم والتأخير، فصار بعض المواد مكررا، أو كررت المواد المهملة تأكيدا وإيذانا للأهمية كما ذكره العلامة جعفر مرتضى العاملي دام فضله.
العهد وثمراته اليانعة:
هاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) من مكة إلى المدينة، واستراح هو والمسلمون من أذى المشركين وحصرهم وصدهم عن سبيل الله وغوائلهم، واستقر في موطنه الجديد في مجال فسيح ملئ بالحنان والإيمان والإخلاص، وكان أكبر همه أن يصل في يثرب إلى مجتمع إسلامي موحد كي يتفرغ لنشر دعوته وتعليم الكتاب والحكمة وتزكية المؤمنين وتربيتهم، ولكنه صادف أقواما استحكمت المنازعات والخلافات القومية فيهم منذ عهد بعيد، وأنهكتهم الحروب الكثيرة المتتالية في الأيام المشهورة: كحرب سمير، حرب كعب، يوم السرارة، يوم الديك، حرب بعاث، يوم فارع، يوم الفجار الأول، يوم الفجار الثاني، حرب حضير بن الأسلت، حرب حاطب بن قيس... (1) وتعرقت البغضاء في جوانحهم، وبلغوا من العداوة والشحناء إلى الغاية بحيث كانوا لا يرون إلا التفاني في سبيلها.
وواجه مع ذلك اختلافا اعتقاديا شديدا، لأن أهل يثرب وقتئذ كانوا على ثلاث فرق: