الخامس: من روى حديثا ثم نسيه، جاز له روايته عمن رواه عنه والعمل به على الصحيح، وهو قول الجمهور من الطوائف كلها؛ لأن الإنسان عرضة للنسيان، والفرض أن الراوي عنه ثقة جازم، فلا ترد روايته بالاحتمال، وقد روى كثير من الأكابر أحاديث نسوها عمن أخذها عنهم، فقالوا: " حدثني فلان عني: أني حدثته بكذا ".
السادس: إذا قال الراوي: " حدثني فلان أو فلان " وهما عدلان احتج به، وإلا فلا، وكذا لا يحتج به إذا قال: " فلان أو غيره ".
السابع: لا تقبل رواية من عرف بالتساهل في سماعه أو إسماعه، كمن لا يبالي بالنوم في السماع، أو يحدث لا من أصل مصحح، أو عرف بكثرة السهو، أو كثرة الشواذ والمناكير في حديثه، وقد بين نقاد الرجال من علمائنا في كتبهم كثيرا ممن يتصف بهذه الصفة.
الثامن: من بين في حديثه غلط، فأصر عليه، سقطت روايته إن أصر عنادا.
التاسع: من خلط لذهاب بصر، أو لخرف، أو فسق، أو بدعة، أو كفر بغلو ونحوه، قبل ما حدث به قبل ذلك، دون ما بعده، ودون ما يشك فيه، كما في أبي الخطاب وأشباهه.
العاشر: قد أعرض الفريقان من المخالف والمؤالف في زماننا هذا عن كثير من هذه الشروط؛ لكون الأحاديث عندنا وعندهم قد تلخصت، وهذبت، وجمعت في كتب معروفة مشهورة، وقد صار المقصود إبقاء السلسلة متصلة الإسناد، المختص بهذه الأمة.
ولا يعتبر - حينئذ - إلا ما يليق بالمقصود، وهو كون الشيخ بالغا، عاقلا، عدلا، غير متساهل ولا مستخف بالأحاديث، مثبتا أحاديثه بخط، غير متهم بروايته من أصل مصحح موافق لأصل شيخه.
وقد شرط كل ذلك أيضا أهل السنة، إلا العدالة؛ فإنهم... بنوا على أصلهم من الاكتفاء بعدم التظاهر بالفسق (1).