ويعرف ضبطه: بموافقته الثقات المتقنين غالبا، فلا يضر النادر من المخالفة، ولو كثر لم يحتج به، هذا إن رواها من حفظه، أو من غير الطرق المذكورة في المصنفات، وأما الأصول المشهورة فلا يعتبر فيها ذلك.
ويقبل التعديل من غير ذكر سببه على الصحيح، ولا يقبل الجرح إلا مبين السبب؛ لاختلاف الناس في ما يوجبه، فبعضهم يجعل الكبيرة القادحة ما توعد عليها بالنار، وبعضهم يعم التوعد، وآخرون يعمون المتوعد فيه من الكتاب أو السنة، وبعضهم يجعلون جميع الذنوب كبائر، والصغر والكبر إضافي عندهم.
ويشكل: بأن ذلك آت في باب التعديل؛ لأن العدالة تتوقف على اجتناب الكبائر، فربما لم يعد العدل بعض الذنوب كبائر ويعدها المعدل له، ومن ثم ذهب بعض إلى اعتبار التفصيل فيها، ومن نظر إلى صعوبته اكتفى بالإطلاق فيهما، أما التفصيل فليس يوجبه، ولو علم اتفاق الجارح والطالب للجرح في ما يوجبه؛ كفى الإطلاق فيهما.
وكتب الجرح التي لم يبين فيها السبب فائدتها التوقف؛ ليبحث عنه ويعمل بما يظهر.
والصحيح أن الجرح والتعديل يثبتان بواحد، لأنه من قبيل الإخبار لا الشهادة (كما في أصل الرواية، فكما لا يعتبر في الأصل كذا في الفرع).
وقيل: " لابد من اثنين " (1).
ويثبتان أيضا بالاستفاضة؛ باشتهار عدالته بين أهل النقل وغيرهم من أهل العلم، كمشايخنا من عهد شيخنا محمد بن يعقوب إلى يومنا هذا، فإنه لا يحتاج في هؤلاء إلى تنصيص على تزكية؛ لاشتهار ثقتهم وضبطهم، وإنما نتوقف في من فوقهم ممن لم يشتهر.
ويقبل تعديل وجرح من تقبل روايته.
وإذا اجتمع الجرح والتعديل قدم الجارح. وقيل: " إن زاد المعدلون قدم التعديل " (2).