____________________
ولو أراد الله سبحانه بأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان ومعادن العقبان ومغارس الجنان، وأن يحشر معهم طير السماء ووحوش الأرضين لفعل، ولو فعل لسقط البلاء وبطل الجزاء (1).
ومنها: ابتلاؤهم بالمتكبرين والمكذبين، لأنهم لو كانوا على الحالة الموصوفة من الاتساع في الدنيا، لسقط بلاؤهم بالصبر على أذى المسكنة من المكذبين لهم والمستخفين بشأنهم، كما قال أهل مدين لشعيب عليه السلام: «يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولو لا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز» (2) ومنها: تأسي المسلمين واقتداء المؤمنين بهم عليهم السلام، في العزوف عن الدنيا والإعراض عن زخرفها وزبرجها، إذ كانوا هم القدوة للخلق ومحل الأسوة لهم كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: ولقد كان في رسول الله صلى الله عليه وآله كاف لك في الأسوة، ودليل على ذم الدنيا وعيبها، وكثرة مجازيها ومساوئها، إذ قبضت عنه أطرافها، ووطئت لغيره أكنافها، وفطم من رضاعها، وزوي عن زخارفها. وإن شئت ثنيت بموسى كليم الله عليه السلام، حيث يقول: «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» (3)، والله ما سأله إلا خبزا يأكله، لأنه كان يأكل بقلة الأرض، ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه، لهزاله وتشذب لحمه. وإن شئت ثلثت بداود عليه السلام، صاحب المزامير وقارئ أهل الجنة، ولقد كان يعمل سفائف الخوص، ويقول لجلسائه: أيكم يكفيني بيعها، ويأكل قرص الشعير من ثمنها. وإن شئت قلت في عيسى بن مريم عليه السلام، فلقد كان يتوسد الحجر، ويلبس الخشن، ويأكل الجشب، وكان إدامه الجوع، وسراجه بالليل القمر، وصلاؤه في الشتاء مشارق الأرض ومغاربها، وفاكهته وريحانه ما تنبت الأرض
ومنها: ابتلاؤهم بالمتكبرين والمكذبين، لأنهم لو كانوا على الحالة الموصوفة من الاتساع في الدنيا، لسقط بلاؤهم بالصبر على أذى المسكنة من المكذبين لهم والمستخفين بشأنهم، كما قال أهل مدين لشعيب عليه السلام: «يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولو لا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز» (2) ومنها: تأسي المسلمين واقتداء المؤمنين بهم عليهم السلام، في العزوف عن الدنيا والإعراض عن زخرفها وزبرجها، إذ كانوا هم القدوة للخلق ومحل الأسوة لهم كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: ولقد كان في رسول الله صلى الله عليه وآله كاف لك في الأسوة، ودليل على ذم الدنيا وعيبها، وكثرة مجازيها ومساوئها، إذ قبضت عنه أطرافها، ووطئت لغيره أكنافها، وفطم من رضاعها، وزوي عن زخارفها. وإن شئت ثنيت بموسى كليم الله عليه السلام، حيث يقول: «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» (3)، والله ما سأله إلا خبزا يأكله، لأنه كان يأكل بقلة الأرض، ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه، لهزاله وتشذب لحمه. وإن شئت ثلثت بداود عليه السلام، صاحب المزامير وقارئ أهل الجنة، ولقد كان يعمل سفائف الخوص، ويقول لجلسائه: أيكم يكفيني بيعها، ويأكل قرص الشعير من ثمنها. وإن شئت قلت في عيسى بن مريم عليه السلام، فلقد كان يتوسد الحجر، ويلبس الخشن، ويأكل الجشب، وكان إدامه الجوع، وسراجه بالليل القمر، وصلاؤه في الشتاء مشارق الأرض ومغاربها، وفاكهته وريحانه ما تنبت الأرض