رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٤ - الصفحة ١٦١
واجعلني اللهم أجزي بالإحسان مسيئهم، واعرض بالتجاوز عن ظالمهم، وأستعمل حسن الظن في كافتهم، وأتولى بالبر عامتهم، وأغض بصري عنهم عفة، والين جانبي لهم تواضعا، وأرق على أهل البلاء منهم رحمة، واسر لهم بالغيب مودة، واحب بقاء النعمة عندهم نصحا، واوجب لهم ما اوجب لحامتي، وأرعى لهم ما أرعى لخاصتي.
____________________
حاضرهم قادمهم، وكتمان أسرارهم فيما بينهم وأسرار أنفسهم، وستر بعضهم عورات بعض، ونصرتهم مظلومهم، وحسن مواساة بعضهم بعضا بالماعون، وعود أغنيائهم على فقرائهم بالجدة والإفضال، وإعطائهم ما يجب لمحتاجيهم قبل السؤال.
كما روي عن أبي عبد الله عليه السلام في حق المؤمن: وإذا علمت أن له حاجة تبادره إلى قضائها، ولا تلجئه أن يسألكها (1) ولكن تبادره مبادرة.
وإنما استغنى عن ذكر الفاعل في جميع ذلك لأنه غير ملتبس، والله أعلم.
ولما بدأ عليه السلام بالدعاء لجيرانه ومواليه بتوفيقهم للأخذ بمحاسن الأدب في معاشرة بعضهم بعضا، شفع ذلك بالدعاء لنفسه بتوفيقه للأخذ بذلك في معاشرته لهم، فقال: (2).
الجعل: بمعنى التصيير، أحد مفعوليه ضمير المتكلم، والثاني جملة أجزي.
وتوسيط النداء لإظهار مزيد الضراعة والابتهال.
وجزيته على فعله: أجزيه جزاء إذا فعلت معه ما يقابل فعله، وأكثر ما يستعمل في كون الفعلين من جنس واحد، كالإحسان بالإحسان والإساءة بمثلها، وعلى ذلك قوله تعالى: «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان» (3).

(١) الكافي: ج ٢، ص 169، ح 2.
(2) أي الدعاء المذكور في صدر الصفحة.
(3) سورة الرحمن: الآية 60.
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»
الفهرست