التنبيه السادس: في تعارض الضررين:
ولذلك صور عديدة تعرض لها بعض الأصوليين في المقام ونحن نتعرض لتحقيقها تبعا رغم عدم ارتباط بعضها بهذه القاعدة، وهي ترجع إلى صور أصلية ثلاث:
الصورة الأولى: ما إذا دار أمر شخص بين ضررين بالنسبة إليه بحيث لا بد له من الوقوع في أحدهما، ومنشأ حدوث هذه الحالة أحد عوامل ثلاثة لأنه إما أن يكون بفعل نفس المتضرر أو بعامل طبيعي أو بفعل شخص آخر والفروض الثلاثة تختلف بعض الشئ في حكم المسألة - على ما سيتضح خلال تحقيقها - ويتصور جميعها فيما إذا وقع شخص من السطح ودار أمره بين أن يقع على أحد شيئين يستوجب تلفه، أو أدخل شخص رأس بعيره في قدر ثم تعذر إخراجه إلا بتلف أحدهما.
ولهذه الصور كما ذكر فروع ثلاثة:
الفرع الأول: أن يدور الامر بين ضررين مباحين.
والحكم التكليفي في هذه الحالة واضح إذ المفروض إباحة ارتكاب كل من الضررين تكليفا فيبقى كل منهما على إباحته بلا إشكال فنتيجة ذلك تخير المكلف عقلائي ارتكاب أيهما شاء.
وأما الحكم الوضعي - وهو الضمان - فلا معنى لتحققه فيما كان العامل في هذا الاضطرار نفس المكلف أو جهة طبيعية وأما إذا كان العامل شخصا آخر فإذا كان الضرران متساويين، أو كانا مختلفين ولكن ارتكب المضطر أخفهما فإنه لا إشكال في ضمان الغير لما ارتكبه المضطر بخصوصه لان وقوعه في ذلك يستند إلى الغير، وموضوع الضمان أعم من تحقق الضرر مباشرة أو تسبيبا.
وأما إذا كان الضرران مختلفين وارتكب المضطر أشدهما فهاهنا وجوه: