هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب هذا القول وإن كان ما ذكرناه في مفاد (لا ضرر) مما لا يلتزم به القائل بهذا القول يقينا، لكنه لازم هذا الرأي بعد كون (الضرر) اسم مصدر شاملا لكل ضرر يرد على الانسان.
ويمكن أن يناقش في ذلك بوجوه:
الأول: إن ما ذكر في تعيين هذا المعنى ليس بتام لان نفي الضرر والضرار كما يمكن أن يكون بملاحظة جعل الحكم بالتدارك الذي يوجب انتفاءهما بقاء بنحو التنزيل، فكذلك يمكن أن يكون بعناية التسبيب إلى عدم الاضرار - فيكون مفاد الحديث هو النهي - أو بعناية عدم التسبيب إلى ضرر المكلفين - فيكون مفاده نفي الحكم الضرري - لان هاتين الجهتين أيضا مصححتان لنفي المعنى على ما تقدم، فلا يتعين التفسير المذكور.
الثاني: إنه إذا كان المدعي في (لا ضرر) أن معناه كمعنى (لا ضرار) وهو نفي الضرر الصادر من الغير بالنسبة إلى الانسان ليختص الحكم بالتدارك بالاضرار الصادر من الغير، فهو معنى معقول في نفسه لكن إنما يناسب مع (لا ضرر) لو كان الضرر مصدرا محتويا على النسبة الصدورية، حيث يمكن القول باختصاصه حينئذ بالاضرار الصادر عن الغير، وأما على ما هو الصحيح من إنه اسم مصدر فلا وجه لتخصيصه بذلك بل ينبغي تعميمه لكل ضرر واقع على الشخص - ولو من جهة عوامل طبيعية -.
وإن كان المدعى إن معناه نفي كل ضرر واقع على الشخص من غير تدارك - كما أوضحناه - فهو مما لا يمكن الالتزام به لأنه لم يثبت في الاسلام تدارك كل ضرر واقع على أي شخص مهما كان سببه - من العوامل الطبيعية وغيرها - بحيث يرجع إلى تأمين عام من قبل الدولة كما لم يعرف مثل ذلك في عصرنا هذا عن شئ من القوانين البشرية. (نعم) يمكن الالتزام بضمان الدولة فيما لو قصرت فيما هو من وظائفها تجاه الناس كما لو لم تجعل