وأما الحكم الوضعي: فهو واضح فإنه إذا كان الغير هو السبب للوقوع في الضرر وارتكب المضطر الضرر المباح كان الغير ضامنا له لأنه المضطر إليه بمتمم الجعل التطبيقي وأما إذا ارتكب المضطر الضرر المحرم فلا يكون ضامنا له لأنه لم يسبب إليه الغير.
الفرع الثالث: أن يدور الامر بين ضررين محرمين.
وحينئذ يكون المضطر إليه في حالة التساوي ونحوه كل منهما بشرط عدم ارتكاب الاخر سابقا أو مقارنا، وفي حالة التفاوت ما كان أخف محتملا وأضعف احتمالا، وذلك بمؤونة متمم الجعل التطبيقي على ما سبق شرحه في الفرع الأول.
وعليه فبالنسبة إلى الحكم التكليفي ترتفع الحرمة عن المضطر إليه - بناء على إن مقتضى قاعدة الاضطرار رفع حرمة المضطر إليه - وأما إن قلنا بأن مفادها رفع تنجزها على ما قربناه في محله فتبقى الحرمة ولكن لا يستحق العقاب بمخالفتها إلا إذا كان الاضطرار بسوء الاختيار.
وأما بالنسبة إلى الحكم الوضعي: فإذا كان الضرر بتسبيب الغير فينطبق أحد الامرين (المسبب إليه) على المضطر إليه بمتمم الجعل التطبيقي فيكون الغير ضامنا له لو ارتكبه المضطر، وأما لو ارتكب غيره كان يرتكب ما هو أقوى محتملا فلا يكون الغير ضامنا لعدم تسبيبه إليه عقلاء كما عرفت توضيحه.
الصورة الثانية: أن يدور أمر الضررين بشخصين عكس الصورة الأولى، ومثاله المعروف ما إذا دخل رأس دابة شخص في قدر شخص آخر ولم يمكن تخليصها منه إلا بكسر القدر أو ذبح الدابة.
ويخرج عن محل البحث ما إذا كان مال الغير نفسا محترمة كالعبد المسلم أو ما بحكمه فإن الضرر حينئذ يكون دائرا بين أشخاص ويتعين فيه