والملاحظة الأخرى: إن الاحتجاج بقول أهل اللغة ضعيف لعدم حجية أقوالهم في حد أنفسها - على ما أوضحناه في علم الأصول - لا سيما في مثل هذا الموضوع الذي لا يرتبط بتفسير مفرد لغوي، وإنما يرتبط بتشخيص المعنى المجازي للكلمة، وخصوصا مع تعارضه مع فهم الفقهاء الذين هم أكثر اطلاعا على المناسبات الدخيلة في تشخيص المراد التفهيمي، لا سيما في النصوص التشريعية حيت تقدم أن أغلب فتقاء الفريقين فهموا من الحديث نفي مجعولية الحكم الضرري.
الوجه السادس والسابع والثامن: ما نقله (قده) عن صاحب العناوين من إنه قال:
1 - (والحق إن سياق الروايات يرشد إلى إرادة النهي من ذلك، وإن المراد تحريم الضرر والضرار والمنع عنهما، وذلك إما بحمل (لا) على معنى النهي، وإما بتقدير كلمة (مشروع ومجوز ومباح) في خبره مع بقائه على نفيه، وعلى التقديرين يفيد المنع والتحريم.
2 - وهذا هو الأنسب بملاحظة كون الشارع في مقام الحكم من حيث هو كذلك، كما في مقام ما يوجد في دين وما لا يوجد، وإن كان كل من المعنيين مستلزما للاخر إذ عدم كونه من الدين أيضا معناه منعه فيه ومنعه فيه مستلزم لخروجه عنه.
3 - مضافا إلى إن قولنا (الضرر والضرار غير موجود في الدين) معنى يحتاج تنقيحه إلى تكلفات، فإن الضرر مثلا نقص المال أو ما يوجب نقصه، وذلك ليس من الدين بديهة إذ الدين عبارة عن الأحكام لا الموضوعات، فيحتاج حينئذ إلى جعل المعنى هكذا: إن الحكم الذي فيه ضرر أو ضرار