وبعد اتضاح ذلك نقول: إنه قد يجاب عن الاشكال المذكور بوجوه:
الوجه الأول: ما ذكره المحقق النائيني (قده) من إنكار المقدمة الأولى للاشكال وهي ورود (لا ضرر) تعليلا للامر بالقلع - قال (إن قوله (لا ضرر) ليس علة لقطع العذق، بل علة لوجوب استئذان سمرة) وهذا القول ينحل إلى عقدين: عقد سلبي - هو الركن الأصلي للجواب - وهو عدم كون (لا ضرر) تعليلا للقلع. وعقد إيجابي يتضمن اقتراحا بديلا عن كونه تعليلا للقلع - وهو إنه تعليل لوجوب الاستئذان -.
ولا بد في تحقيق ذلك من الرجوع إلى الروايات التي تضمنت قضية سمرة مع جملة (لا ضرر ولا ضرار) لملاحظة مدى انسجامها مع ذلك. وهي رواية ابن مسكان ورواية ابن بكير بنقل كل من الكافي والفقيه.
أما العقد السلبي: فيختلف مقتضى الروايات فيه.
فرواية ابن بكير بنقل الكافي صريحة تقريبا في تعليل الامر بالقلع ب (لا ضرر)، إذ فيها (فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للأنصاري اذهب فاقلعها وارم بها إليه فإنه لا ضرر ولا ضرار) فإن الفاء الداخلة على القاعدة يقتضي الارتباط بين الامرين، ولا معنى للارتباط بين القاعدة العامة والحكم الجزئي إلا بكون الأولى علة للثاني.
وأما روايته بنقل الفقيه فهي ظاهرة في ذلك إذ فيها (فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله الأنصاري أن يقلع النخلة فيلقيها إليه) وقال: (لا ضرر ولا ضرار) وتعقيب الحكم بقاعدة ظاهر في تعليله بها كما هو واضح.
(نعم): رواية ابن مسكان لا ظهور لها في كون (لا ضرر) تعليلا للامر بالقلع، لأنه ذكر قبل الامر بالقلع فقد جاء فيها: (فقال له رسول الله إنك رجل مضار ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن، قال ثم أمر بها رسول الله فقلعت ثم رمى بها إليه وقال له رسول الله: انطلق فاغرسها حيث شئت) لكن لا يبعد أن