والجمع بين اللحاظين وإن لم يمتنع عقلا إلا إنه خلاف الظاهر جدا لأنه يقتضي استعمال اللفظ في معنيين معا، نعم لو كان المنفي ماهية يمكن تعلق التحريم والفساد بها مباشرة أحتمل الوجه المذكور معنى للكلام.
وأما من الناحية الثانية: فيلاحظ إن هذا الوجه يخالف ظهور الجملة من جهات، مضافا إلى ما سبق في أصل احتمال النهي.
منها: كون الضرر مرآة لما يكون ضررا لكي يعقل أن يكون متعلقا للحكم الوضعي، ولا إشكال في مخالفة ذلك للظاهر إذ الظاهر هو تعلق النفي به نفسه.
ومنها: الجمع بين إرادة الضرر بنفسه وجعله مرآة لما ينطبق عليه وهو مخالفة أخرى للظاهر كما تقدم، ويتفرع على ذلك أنه يكون اسناد التحريم إلى الضرر إسنادا مجازيا بلحاظ مرآتيته لما يصدق عليه، وحقيقيا أخرى باعتبار ملحوظيته ذاتا.
ومنها: تعميم الحكم للحكم الارشادي بناء على إن الأصل في النواهي أن تكون مولوية كما هو المعروف بين الأصوليين فيكون خلاف الأصل.
وهكذا يتضح مدى التكلف الذي يتضمنه هذا التقرير.
الوجه الثالث: أن يكون النهي نهيا سلطانيا كما ذهب إليه بعض الأعاظم (1). وأوضحه بأن للنبي صلى الله عليه وآله شؤونا:
أحدها: تبليغ الأحكام الإلهية وهو ما يعبر عنه بالنبوة أو الرسالة باعتبار إنبائه صلى الله عليه وآله عن أحكامه وإرساله لذلك. وأمره ونهيه فيما يتعلق بهذا الشأن يكون إرشادا إلى أمر الله ونهيه، كما أن مخالفتهما تكون