منها: أحكام جزائية يستتبعها الاضرار بالمجتمع من قبيل حد السرقة والمحاربة وحد القصاص والتعزير.
ومنها: حق مكافحة الاضرار ولو بإنزال الضرر على الغير كما في بعض مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ومنها: فروض مالية مقابل الاضرار كضمان الاتلاف وأروش الجنايات والديات التي تفرض على نفس الجاني.
ومنها: أحكام تمهيدية مانعة عن تحقيق الاضرار كحق الشفعة.
فالضرر الذي توجبه هذه الأحكام غير مشمول ل (لا ضرر) لان اقترانه ب (لاضرار) الذي يثبت مثل هذه الأحكام يكون قرينة متصلة على تحديد مدلوله ومانعة عن شموله لمثل ذلك.
وهكذا يتضح بمجموع ما ذكرناه: عدم اتجاه ما ادعي من لزوم تخصيص الحديث في أكثر مدلوله بناء عل تفسيره بنفي الحكم الضرري.
الطريق الثاني: - في جواب الاشكال - أن يقال إن (لا ضرر) ليس ظاهرا إلا في نفي الحكم الذي ربما يترتب على امتثاله ضرر، دون ما كان بطبعه ضرريا من قبيل الموارد المذكورة كالخمس والزكاة والحج وغيرها، فهي خارجة عن مصب الحديث تخصصا، وذلك بأحد وجوه:
الوجه الأول: ما ذكره المحقق النائيني من إن قاعدة (لا ضرر) ناظرة إلى الأحكام ومخصصة لها بلسان الحكومة، ولازم الحكومة أن يكون المحكوم بها حكما لا يقتضي بطبعه ضررا لأنه لو اقتضى بطبعه ضررا لوقع التعارض بينهما (1).
وتوضيحه: إن قاعدة (لا ضرر) إنما سيقت للحكومة على الأدلة