ما سيتضح في التنبيه الثالث - لان لسان نفي الحكم المثبت للموضوع في الدليل الآخر لسان معارضة مع لسان ذاك الدليل، فإن الدليل يثبت الحكم للموضوع و (لا ضرر) ينفي ذلك الحكم عن موضوعه ولا معنى للحكومة في مثل ذلك.
نعم يمكن تصوير الحكومة على المختار في مفاد الحديث من أنه ينفي التسبيب الشرعي إلى تحمل الضرر فيكون نفيا للتسبيب بالحكم الضرري بلسان نفى الضرر كناية، لكن هذا اللسان إنما ينتج تقديم الدليل فيما أمكن الجمع الدلالي بينه وبين الدليل الآخر ليكون هذا حاكما وذاك محكوما به، وذلك كما في مورد يكون (لا ضرر) فيه أخص من الدليل الآخر ولو في الجملة، وأما إذا لم يمكن الجمع الدلالي بينهما بذلك بأن كانت النسبة بينهما هي التباين - كما هو الحال في مورد (لا ضرر) مع أدلة الأحكام الضررية بحسب طبعها - فلا وجه لتقدم الدليل الوارد بهذا اللسان على غيره كما هو واضح.
الوجه الثاني: ما عن السيد الأستاذ (قده) من أن (لا ضرر) إنما هو ناظر إلى العمومات والاطلاقات الدالة على التكاليف التي قد تكون ضررية وقد لا تكون ضررية فيحددها بما إذا لم تكن ضررية ولا يتعرض للتكاليف التي هي بطبعها ضررية، والشاهد على ذلك إن وجوب الحج والجهاد وغيرهما من الأحكام الضررية كانت ثابتة عند صدور هذا الكلام من النبي صلى الله عليه وآله في قضية سمرة، ومع ذلك لم يعترض عليه أحد من الصحابة بجعل هذه الأحكام الشرعية (1).
ويرد علية: أولا: إن الاستشهاد يبتني على تصور أن الصحابة جميعا