أحدهما بلا مرجح، بل يرجع إلى القرعة لأنها مرجح عقلائي حيث لا مرجح عند تزاحم الحقوق والرغبات كما في المقام إذ المفروض إن كلا منهما يرغب في إرجاع نفس ماله إليه على ما كانت عليه من الحالة الأولية وقد أوضحنا ذلك في رسالة القرعة.
وأما القول بثبوت الاختيار للجاني في إيقاع الضرر على مال كل منهما أراد وضمانه، فليس له وجه يعتمد عليه وربما يكون له غرض خاص في إتلاف مال أحد المالكين كما إذا كانت البقرة في المثال حلوبا وتعلق غرض شخصي منه بذبحها.
الفرع الثالث: أن يكون الحالة الطارئة لعامل طبيعي كالزلزلة ونحوها.
وفي هذه الحالة: (تارة) لا يريد أحدهما تخليص ماله كما لو قال صاحب القدر إني لا أحتاج إلى القدر فعلا ولكن الاخر أراد تخليص ماله - وهو البقرة - وحينئذ فللأول أن يأذن للثاني في إتلاف ماله مع الضمان فيستقر الضمان عليه، ولو لم يأذن له في ذلك فلا يبعد أن يجوز تكليفا لمن يريد تخليص ماله أن يوقع الضرر في مال الاخر مع بذل الغرامة له.
وأخرى: يريد كل منهما تخليص ماله عن هذه الحالة الطارئة. وحينئذ إذا تراضى الطرفان في طريق رفعها بإيقاع الضرر على أحد المالين مع بذل غرامته - ولو على وجه القرعة - فالصلح خير، وإن لم يتراضيا بذلك فيحصل بينهما تخاصم لا بد لرفعه من الرجوع إلى الحاكم. وللحاكم بماله من السلطنة والولاية أن يرفع الخصومة بينهما بإيقاع الضرر على أحد المالين، لكن في إيقاعه على واحد معين منهما لا بد من مرجح طبيعي أو جعلي:
والأول: فيما إذا كان إيقاع الضرر على أحد المالين أقل - من حيث زوال المالية أو تنقيصها من إيقاعه على الاخر - فيتعين عليه في هذه الحالة اختيار أخف الضررين تقليلا للخسارة التي يتحملها المتخاصمان - على ما