وعلى ما ذكرناه من عدم اقتضاء (لا ضرر) لفساد الوضوء والغسل الضرري مطلقا لا يتجه ما قيل في توجيه قصور (لا ضرر) عن إثبات فسادهما في صورة الجهل كما ذكره جمع (1) من أن دليل (لا ضرر) وارد في مقام الامتنان على الأمة الاسلامية، فلا يكون (لا ضرر) شاملا لمورد يكون نفي الحكم فيه منافيا للامتنان، والحكم ببطلان الطهارة المائية الضررية الصادرة حال الجهل من هذا القبيل، فإن الامر بالتيمم وإعادة العبادات الواقعة معها مخالف للامتنان.
إذ لا حاجة إلى ذلك إلا على سبيل التنزل عما ذكرناه. مع إمكان المناقشة في ورود الحديث في مقام الامتنان فتأمل.
البحث الثالث: في إن حرمة الاضرار بالنفس هل توجب الحكم بفساد الوضوء والغسل المضرين في حال الجهل والعلم أو لا؟
ويلاحظ أولا: إنه لم تثبت حرمة الاضرار بالنفس مطلقا وإنما الثابت حرمته فيما يكون من قبيل هلاك النفس أو ما يلحق به - كما أوضحنا ذلك في بحث الوضوء من شرح العروة - وعليه فالكلام في هذا البحث فيما إذا كان الضرر اللازم من الوضوء والغسل كذلك.
ولتوضيح المقام لا بد من إيضاح أمرين:
الأمر الأول: إن نسبة (الاضرار المحرم) إلى الوضوء والغسل الضرري نسبة الأسباب والمسببات التوليدية كالالقاء والاحراق والرمي والقتل ونحو ذلك.