وجوده في السوق أو عدم امكان تحصيله إلا بالمسافرة إلى بلد آخر يحتاج إلى مؤونة كثيرة، فبملاحظة مثل هذه الجهات لا يصدق إنه جلب الضرر على نفسه الاقدام على هذه المعاملة فلا معنى للمنة عليه برفع لزوم العقد في مثل ذلك.
وبذلك كله يظهر صحة قول المشهور من عدم ثبوت الخيار مع الغبن.
الأمر الثاني: في صورة عدم الاقدام.
والمقصود من التعرض لهذه الصورة بيان سر التفريق بينها وبين صورة الاقدام حيث يقال أن حكم الشارع فيها غير منفي ب (لا ضرر) بخلاف هذه الصورة، وذلك لأنه ربما يتوهم بأن البيان الذي ذكرناه في عدم اقتضاء (لا ضرر) لنفي اللزوم في حالة الاقدام من كون اللزوم مدلولا لاطلاق المنشأ، فيكون الحكم به حكما امضائيا و (لا ضرر) لا ينفي مثل ذلك وهذا البيان ينسحب إلى صورة عدم صدق الاقدام كما إذا كان المشتري غافلا عن القيمة السوقية أو معتقدا بالتساوي أو بأن قيمة ما انتقل إليه أزيد مما يبذله من الثمن أو كان مسترسلا ومعتمدا على أخبار البائع بالقيمة السوقية، فأن اطلاق المنشأ يتحقق في هذه الصورة أيضا، فلا يمكن نفي اللزوم فيها لهذه القاعدة ونتيجة ذلك بطلان تمسك المشهور بهذه القاعدة لاثباتها لخيار الغبن مطلقا.
وتحقيق الحال في ذلك: إنه لا يتحقق للمنشأ في شئ من موارد هذه الصورة إطلاق لحاظي بالنسبة إلى تساوي الثمن والمثمن في القيمة السوقية وعدمها بل هي على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما يكون المنشأ فيه مقيدا بالتقييد اللحاظي وذلك كما إذا كان المشتري مسترسلا ومعتمدا على أخبار البائع بتساوي الثمن والمثمن في القيمة السوقية، فإن الشراء حينئذ يكون مشروطا بشرط مقدر وهو التساوي