أما على الأول: فلان الملحوظ في (لا ضرر) نفي ضررية كل واحد من الأحكام المجعولة في الشريعة من غير لحاظها تحت مجاميع تحتوي كل مجموعة على جملة منها، لكي يخصص مفاده في واحدة منها بملاحظة أدلة الأحكام الواقعية كما هو واضح.
وأما على الثاني: فلاعتراف القائل به بأن حديث (لا ضرر) إنما هو في مستوى القضية الخارجية بملاحظة أن المنفي هو الضرر الناشئ من الأحكام المجعولة خارجا، وإن كان قد يناقش في ذلك من جهة عدم العلم بأن النبي صلى الله عليه وآله قد قال ذلك في مورد قضية سمرة بعد انتهاء تشريع الأحكام ليكون قضية خارجية بل المقصود بالحديث نفي جعل أي حكم ضرري شرعا فهو قضية حقيقية.
والتقريب الثالث: أن يقال: بأن من المستهجن تخصيص الحديث في الموارد المذكورة حتى وإن لم تكن هي أكثر موارده لأنها من أصول الأحكام الإلهية ومهماتها وتخصيص العام في مثل ذلك قبيح.
ويلاحظ أن مثل هذا الانطباع عن أحكام الاسلام من كون أكثرها أو أصولها ضررية على ما يتمثل في هذا التقريب والتقريب السابق مما يستحق البحث، حتى مع غض النظر عن كون ذلك موجبا لوهن هذا الحديث، لان ذلك قد يكون ذريعة لبعض المخالفين للدين في تشويه صورة الاسلام والقدح في حقية تشريعاته، للاقرار بأن معظمها أو أصولها تشريعات ضررية.
وفي الجواب عن هذين التقريبين طريقان:
الطريق الأول: ما هو المختار. وهو ينحل إلى جزءين:
الأول: عدم صدق الضرر في كثير من هذه الموارد على ضوء التدقيق في مفهومه وفي مدى انطباقه فيها.