الأمر الأول: إن المبدأ الذي يكون أحد جزءي المعنى في المشتق بالمعنى الأعم المؤلف من المادة والهيئة الشامل للفعل المزيد فيه على قسمين:
1 - المبدأ الجلي، وهو المعنى الفعلي للمادة دون إضافة عنصر آخر إليه كالعلم في العالم والقصد في القاصد، فإن مثل هذه المشتقات لو حللت، يلاحظ أن المبدأ فيها نفس المعنى الفعلي للمادة دون إضافة جهة أخرى كالمضي والقابلية ونحو ذلك.
2 - المبدأ الخفي، وهو معنى المادة ملحوظا في المشتق على نحو خاص وهو على أصناف.
منها: أن يلحظ فيه بنحو القابلية، كما في اسم الآلة كالمفتاح والمنشار والمكنسة، فإن المبدأ فيها قابلية الفتح والنشر والكنس لا فعلية هذه الأمور.
ومنها: أن يلحظ فيه على نحو الحرفة والمهنة كما في التاجر والنجار والزارع فإن المبدأ فيها حرفة التجارة والنجارة والزراعة لا فعليتها.
ومنها: أن يلحظ فيه بنحو الاقتضاء كما في توصيف النار بأنها محرقة، والسم بأنه قاتل، فإن المبدأ في ذلك اقتضاء هذه المعاني لا فعليتها.
فيلاحظ أن الخصوصية المضافة إلى معنى المادة في هذه الحالات، إنما هي باعتبار إشراب المادة إياها، ثم صياغتها مقرونة بها بالصيغة الخاصة، وليست الخصوصية مستفادة من ذات الصيغة والهيئة بل من المادة حين تطعيمها بمعنى آخر.
وعلى ضوء هذا يتجلى لنا ما وقع من الخلط بين مفاد الهيئة ومفاد المادة في كلمات كثير من اللغويين والأصوليين، حيث جعلوا كل خصوصية