موضوعه لا على إرادة النهي، وإن كان نفي الجواز والنهي يرجعان إلى مؤدى واحد، إلا إنه لا ينبغي الخلط بينهما في مقام التدقيق في أنحاء استعمال هذا التركيب كما هو واضح.
وأما القسم الثاني: - وهو ما لا يكون ظاهرا في التحريم - فهو الموارد التي كان المنفي فيها ماهية اعتبارية، فإن نفي الماهية الاعتبارية ظاهر حسب تناسبات الحكم للموضوع في نفي صحتها - كما تقدم توضيح ذلك في ذكر الضابط العام لتشخيص محتوى صيغ الحكم - فتكون هذه الموارد من قبيل نفى الحكم بلسان نفي موضوعه.
سواء في ذلك ما كان النفي فيه نفيا للماهية خارجا أو في وعاء التشريع.
فمن الأول قوله (لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل) فإن المراد بالسبق العقد الخاص فالمقصود بالحديث بطلانه إلا في الموارد المستثناة، وثبوت حرمته بدليل آخر لا يقضي باستفادته من هذا الدليل.
ومن الثاني: قوله (لا شغار في الاسلام) فإن الشغار نوع خاص من النكاح كان معروفا في الجاهلية وقوله (لا حمى في الاسلام) فإن المراد بالحمى اعتبار مرعى ومرتع مختصا بشخص أو قبيلة، فيمنع الغير من الرعي فيه وهذا نوع من الحكم الوضعي الذي يندمج فيه الحكم التحريمي ومرجع نفيه إلى إلغائه أو اسقاط ما كان يترتب عليه من الآثار في العرف الجاهلي لا تحريمه تحريما مولويا.
ويحتمل أن يكون من هذا القبيل قوله (لا رهبانية في الاسلام) بناء على إنها التزام وتعهد نفسي بترك الاشتغال بالدنيا وملاذها والعزلة من أهلها والتعمد إلى مشاقها، فيكون المراد بنفيها إلغاء هذا العهد وعدم استتباعه لوجوب الوفاء فلا يكون في هذا المورد تحريم مولوي.