عليه إعادة بنائه على تقدير هدمه، وإن كان ذلك سببا لوقوع الجار في الحرج والضيق من جهة فقدان الساتر لبيته، ومجرد كون هدمه لا لحاجة عقلائية بل بداعي إيقاع الجار في الضيق لا يقتضي منعه من الهدم، وأمره بالبناء على تقدير مخالفته، وعليه فتطبيق قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) على مورد الحديث محل اشكال.
ولكن يمكن الجواب عن ذلك بوجهين:
الوجه الأول: أنه لا غرابة في الحكم بمنع المالك من هدم جداره وأمره بإعادة بنائه لو فعل عقوبة على مخالفته، إذا لم يكن له في الهدم غرض عقلائي بل كان غرضه مجرد الاضرار بجاره، فإن لهذا الحكم نظائر في الفقه الاسلامي، ومنها ما التزم به جمع من الفقهاء منهم الشيخ في النهاية والقاضي وابن البراج، من أنه إذا أعتق أحد الشركاء نصيبه من العبد قاصدا به الاضرار بشريكه، وجب عليه فكه إن كان موسرا وبطل عتقه إن كان معسرا، لان قصد القربة انعتق سهمه وسعى العبد في نصيب الشريك، ولم يجب على المعتق فكه بل يستحب له ذلك، وقد اعتبر في الجواهر هذا القول أحد القولين القويين في المسألة (1).
ويدل عليه من الاخبار صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن المملوك بين الشركاء فيعتق أحدهم نصيبه؟ فقال إن ذلك فساد على أصحابه، فلا يستطيعون بيعه ولا مؤاجرته وقال يقوم قيمته فيجعل على الذي أعتقه عقوبة، وإنما جعل ذلك مما أفسده. وفي صحيحة محمد ابن مسلم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل ورث غلاما وله فيه شركاء فاعتق لوجه الله نصيبه، فقال إذا أعتق نصيبه مضارة وهو موسر ضمن للورثة،