وعلى هذا فلو كان المراد بالحديث مجرد النهي التكليفي لبقي استدلال سمرة بلا جواب، لأنه يتمسك بحقه في الاستطراق و (لا ضرر) يقول (لا تضر بالأنصاري) ومن المعلوم إن النهي التكليفي عن ذلك ليس إلا أعمال سلطة، وليس جوابا عن وجه تفكيك الجواز المطلق عن حق الاستطراق.
وهذا بخلاف ما لو أريد به نفي التسبيب إلى الضرر بجعل حكم ضرري، فإنه يرجع إلى الجواب عن هذا الاستدلال بأن الاسلام لم يمض الأحكام العرفية متى استوجبت تفويت حق الآخرين والاضرار بهم، فلا يترتب على حق الاستطراق جواز الدخول مطلقا ولا يثبت حق الاستطراق مطلقا بل ذلك مقيد بعدم كون الدخول ضررا على الأنصاري في حقه - من التعيش الحر في داره -.
وبذلك يظهر إن (لا ضرر) على هذا التفسير أكثر تناسبا وأوثق ارتباطا بقضية سمرة منه على تفسيره بالنهي عن الاضرار.
2 - وأما قضية الشفعة فلا شهادة فيها لاحد المعنيين، لا لما ذكره هذا القائل من عدم ثبوت تذييلها ب (لا ضرر) أصلا، وإنما الجمع بينهما من قبل الراوي، فإنه غير تام كما سبق في الفصل الأول، وإنما بملاحظة ما تقدم هناك من أن (لا ضرر) فيها إنما هو حكمة للتشريع فلا يرتبط بما هو مبحوث عنه من كونه بنفسه حكما كليا.
وعلى أي تقدير فلا يتم ما ذكره هذا القائل من إنه لا مساغ فيها إلا للنهي التكليفي.
3 - وأما قضية منع فضل الماء فهي تناسب التفسير المذكور، لما ذكرناه في الفصل الأول من إنه لا يبعد ثبوت حق الشرب من الماء للآخرين سواء كان مباحا أو مملوكا، فيمكن تطبيق (لا ضرر) فيها بعناية نفي جواز منع