صلى الله عليه وآله كان بصدد تطبيق (لا ضرر ولا ضرار)، على مورد جعل الخشبة في حائط الجار وحد الطريق المسلوك. والفرق التعبيري بين الصيغة المستعملة في هذا الحديث والصيغة المستعملة في حديثي الشفعة ومنع فضل الماء شاسع جدا، فإن الوارد فيهما هكذا قضى بكذا وكذا وقال (لا ضرر ولا ضرار) مما يكون ظاهرا عرفا في الارتباط بين القضاء والقول وأما في المقام فلا ظهور للحديث في الارتباط بين قوله (لا ضرر ولا ضرار) وقوله (ولا يمنعن أحدكم... إلخ).
ويظهر من مالك في الموطأ، والشافعي في كتاب الام في مقام الرد على أصحاب مالك إنهما اعتبرا قوله (لا ضرر ولا ضرار) رواية مستقلة ولم يعداه صدرا أو ذيلا لحكمه صلى الله عليه وآله بجواز جعل الخشبة في حائط الجار، ونهيه عن منع الجار عن ذلك. فلاحظ (1).
8 - حديث مشارب النخل:
أورده في كنز العمال عن أبي نعيم عن صفوان بن سليم، عن ثعلبة ابن أبي مالك: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال (لا ضرر ولا ضرار) وان رسول الله صلى الله عليه وآله: قضى في مشارب النخل بالسيل الاعلى على الأسفل حتى يشرب الاعلى ويروي الماء إلى الكفين، ثم يسرح الماء إلى الأسفل وكذلك حتى تنقضي الحوائط ويغني الماء (2).
وهذا الحديث لا ظهور له في الارتباط بين قوله صلى الله عليه وآله (لا ضرر ولا ضرار) وبين قضائه في مشارب النخيل، ولا سيما مع تكرار ذكره صلى الله عليه وآله فيه.