وممن ذهب إلى هذا الاتجاه المحقق الرضي الأسترآبادي (قده) في شرح الشافية، وعليه يمكن القول بأن معنى المضارة هنا هو معنى المجرد - ولو مع إفادة المبالغة والتأكيد - فيقال (ضره ضررا، وضاره ضرارا) بمعنى واحد بلا فارق جوهري بينهما.
ولكن هذا الاتجاه إنما يتعين الاخذ به إذا لم يمكن الاتجاه الثاني - المبني على وحدة معنى هذا الباب - من تقديم معنى عام يصلح لجمع شمل الموارد المذكورة، وإلا يتعين الاخذ بالاتجاه الثاني إذ لا مبرر لدعوى تعدد المعنى حينئذ، فإنها تكون كدعوى تعدد معنى المادة لغة.
وأما الاتجاه الثاني: فيضم عدة مسالك:
المسلك الأول: ما اختاره جمع من المحققين من أن هيئة المفاعلة تقتضي السعي إلى الفعل، فإذا قلت (قتلت) فقد أخبرت عن وقوع القتل وإذا قلت (قاتلت) فقد أخبرت عن السعي إلى القتل، فربما يقع وربما لا يقع، ولا تقتضي المشاركة، نعم ربما تكون المادة في نفسها مقتضية للمشاركة - من غير ارتباط لها بالهيئة - وذلك كما في المساواة والمحاذاة والمشاركة والمقابلة، والشاهد على عدم استفادة المشاركة من الهيئة عدة آيات.
منها: قوله تعالى: ﴿يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم﴾ (1)، فذكر سبحانه إن المنافقين بصدد إيجاد الخدعة لكن لا تقع خدعتهم إلا على أنفسهم، ومن ثم عبر في الجملة الأولى بهيئة المفاعلة، لان الله تعالى لا يكون مخدوعا بخدعتهم لان المخدوع ملزوم للجهل