تجوز آخر في الحديث لكان الوجهان سواء في مخالفتهما للأصل، فلا بد من قرينة معينة لأحدهما بعد وجود القرينة الصارفة عن إرادة المعنى الحقيقي وهو نفي الضرر خارجا.
وقد اتضح مما ذكرناه سابقا: أن نفي الحكم الضرري معنى مجازي للحديث لان المراد الاستعمالي به هو نفي وجود الطبيعي خارجا، لكنه استعمل بداعي التعبير عن عدم التسبيب التشريعي إلى تحقق الضرر، وعليه فلا يرد الاعتراض المذكور.
البحث الرابع: في الوجهين الآخرين في تقرير هذا المسلك.
قد سبق أن ذكرنا إن هذا المسلك ينحل إلى وجوه ثلاثة:
أولها وأقواها: أن يراد بالحديث النهي التحريمي المولوي. وهذا الوجه هو المنساق من كلام من فسر الحديث بالنهي من غير توضيح لنوعه.
وإنما كان أقوى من الوجهين الآخرين لأنه لا يتجه عليه اعتراض زائد عما يرد على أصل هذا المسلك بخلاف هذين الوجهين كما سوف يتضح ذلك.
الوجه الثاني: أن يراد بالنهي ما يعم النهي التحريمي المولوي والنهي الارشادي.
وقد ذكر ذلك الشيخ الأنصاري (قده) في الرسائل حيث قال بعد ذكر احتمال النهي (ولا بد أن يراد بالنهي زائدا على التحريم الفساد وعدم المضي، للاستدلال به في كثير من رواياته على الحكم الوضعي دون محض التكليف، فالنهي هنا نظير الامر بالوفاء بالشروط والعقود. فكل اضرار بالنفس أو بالغير محرم غير ماض على من أضره، وهذا المعنى قريب من الأول بل راجع إليه) (1).