الفرع الثاني: تحديد الوضوء الضرري بالعلم بكونه ضرريا.
نقل بعض المحققين عن الشيخ الأنصاري أنه يشترط في جريان أدلة نفي الضرر علم المكلف بكون الوضوء ضرريا (1) وقد ذكر السيد الأستاذ تسالم الفقهاء على صحة الوضوء في حالة الجهل (2) وحينئذ يتجه الاعتراض السابق من أن دليل نفي الضرر ينفي جعل الحكم الضرري مطلقا سواء كان الضرر معلوما أو مجهولا. كما أن دعوى تسالم الفقهاء على ذلك غير تامة لان المسألة غير معنونة في الكتب الفقهية للقدماء والطبقة الوسطى، وأما المتأخرون الذين طرحت المسألة في كلماتهم فلهم فيها أقوال ثلاثة: بطلان الوضوء مطلقا وصحته مطلقا والتفصيل بين ما إذا كان الضرر معلوما فيبطل الوضوء وبين ما إذا كان مجهولا فيصح.
ويلاحظ أن استيعاب البحث في هذه المسألة وجهاتها يوجب تفصيلا بالغا في الكلام وهو خارج عن حدود هذا البحث - وإنما محله موضعها من علم الفقه - ولكنا نتعرض لبعض ما يرتبط بالمقام في ضمن أمور ثلاثة:
أحدها: إنه هل هناك إطلاق يقضي بصحة الوضوء أو الغسل الضرريين حتى نحتاج لاثبات بطلانه في حالة العلم أو مطلقا إلى التمسك بحديث (لا ضرر) ليقع البحث في حدود مقتضاه، أو إنه لا اطلاق في الأدلة أصلا فيبطلان من هذه الجهة؟
ثانيها: إن (لا ضرر) هل يقتضي بطلانهما في حالة العلم أو مطلقا أو لا يقتضي ذلك أصلا؟
ثالثها: إن حرمة الاضرار بالنفس في مورد الضرر المحرم هل تمنع عن