وذلك كما لو قيل - نفيا لمانعية بعض ما يحتمل مانعيته للصلاة -: (لا إعادة للصلاة بكذا)، فإن الإعادة لا يرغب إليها المكلف بطبعه إلا لطلب شرعي فحسب فلو دل الدليل على نفي الطلب الشرعي لزم من ذلك عدم تحققها عادة بفاعلية الرغبة الطبيعية عنها فصح نفيها تنزيلا.
ثم أن هذا الموضع لا يختص بما لو كان متعلق الحكم نفسه موردا لحكم منساق أو متوهم - كما في مثال الاصطياد والصلاة - بل يعم ما لو كان متعلقه أمرا مستبا عن الحكم السابق أو المتوهم، وذلك كان يقال في معرض توهم جعل الشارع لتكليف مؤد إلى الحرج: - (لا حرج في الدين) أو (لا تحرج نفسك) فهنا أيضا يتفاعل الكلام مع التوهم المذكور ويكون محتواه ومفاده - التفهيمي نفي جعل حكم مسبب إلى الحرج. ومقطع (لا ضرر) من الحديث من هذا القبيل على ما يتضح قريبا.
فهذه مواضيع عامة يتغير بمقتضاها المحتوى الذي تسبطنه صيغ الحكم ومنها النفي، وقد اتضح من خلال ذلك أن المحتويات المختلفة للنفي وغيره إنما هي مرهونة بتناسبات مختلفة يتفاعل معها الكلام فترسم له على ضوئها معان مختلفة تكون محتوى له. هذا تمام الكلام عن المرحلة الأولى.
وأما المرحلة الثانية: فهي من تطبيق الضابط المذكور على الحديث أو توضيح معنى الحديث على ضوء ذلك:
أما المقطع الأول: من الحديث وهو (لا ضرر)، فهو يندرج في المورد السادس الذي ذكرناه فيفيد نفي جعل حكم ضرري وذلك على ضوء أمور ثلاثة:
1 - الأول:
إن من الواضح جدا أن متعلق النفي في هذا المقطع - وهو الضرر -