المحكوم بلزوم تداركه إذا كان للقانون قوة إجرائية تضمن تحقق التدارك الخارجي - عادة - يمكن أن ينفى كونه ضررا تنزيلا وادعاء وإن لم يتدارك خارجا.
فهذه معان ثلاثة وحيث إنه لا يمكن أن يكون الضرر المنفي بالحديث هو المعنى الأول للزوم مخالفة الواقع بعد وجود الضرر خارجا، مع إنه خلاف المفهوم العرفي للضرر أيضا كما يتضح مما ذكر في المعنى الثاني، وكذلك لا يمكن أن يكون هو المعنى الثاني لعدم تدارك كل ضرر خارجا فيتنافى مع عموم النفي، فلا بد أن يراد المعنى الثالث فيرجع إلى إثبات حكم شرعي قاض بالتدارك في مورد كل ضرر.
الجهة الثانية: إنه بناء على هذا التفسير يكون مفاد (لا ضرار) الحكم بضمان من أضر بأحد في شئ وأما (لا ضرر) فهو باعتبار كون الضرر اسم مصدر لا يتضمن النسبة الصدورية، يكون مفاده نفي لضرر مطلقا سواء كان من قبل شخص معين أو كان لحادثة طبيعية أو غير ذلك، فكل ضرر أصاب شخصا في نفسه أو ماله، فإنه لا يذهب هدرا بل له ضامن لا محالة فإن كان بسبب شخص معيق فيكون الضمان عليه، وإلا فيكون الضمان على الامام والدولة.
وبذلك يستفاد من الحديث ثبوت تأمين عام في الدولة الاسلامية بالنسبة إلى أفراد المجتمع الاسلامي، وقد حدث التأمين في المجتمع البشري أولا بداع إنساني تعاوني فكان مرجعه إلى تحمل الجماعة المشتركين في أداء حق التأمين للخسارة الواقعة على الشخص حتى لا تكون الخسارة ثقلا عليه. وإلى ذلك يرجع ما يتعارف في بعض المجتمعات من التعاون بين أفراد القبيلة عند إرادة بعض أفرادها تأسيس عائلة جديدة حيث يهدي كل منهم ما يسد بعض حاجتها، إلا أنه أصبح فعلا وسيلة لاستثمار