(ويلاحظ): إن استعمال صيغة الأمر والنهي في هذا الموضع ليس مجازا بل هو استعمال حقيقي لان فصل العلقة بين الطبيعة وبين الأثر المرغوب منها ينسجم مع صيغة الزجر تمام الانسجام لأنه يوجب انزجار المكلف عن ذلك بالامكان وكلما كان المحتوى المعنوي في اللفظ يحقق للعنصر الشكلي فيه التأثير المطلوب منه المسانخ إياه فإن الاستعمال يكون حينئذ حقيقيا بعد تمام المحتوى المزبور إذ يتأتى للمتكلم حينئذ أن يقصد المدلول الاستعمالي بالكلام جدا، وفصل العلقة في المقام مستوجب لفاعلية الزجر الانشائي، كما أن الوعيد في النهي المولوي مستوجب لفاعلية الزجر الانشائي. وهكذا في صيغة البعث في مورد الامر بالحصة ك ﴿طلقوهن لعدتهن﴾ (1) يكون الاستعمال حقيقيا، فإن تحديد الوسيلة بعد تعلق الغرض مسبقا بأثرها نوع من البعث للشخص نحو الوسيلة المشروعة.
وبذلك يظهر: إنه لا يتجه ما في كلمات جماعة من الأصوليين من اعتبار الارشاد معنى مجازيا للامر والنهي، وكان منشأ ذلك عدم التنبه لكيفية تفاعل الاعتبار مع الملابسات المحيطة به على ما أوضحنا ذلك.
وأما صيغة الاثبات والنفي ك (لا طلاق إلا ما أريد به الطلاق) و (لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل) و (لا بيع إلا في ملك)، فإنه يكون من قبيل اثبات الحكم بلسان إثبات موضوعه، أو نفيه بلسان نفيه مبالغة في ذلك، بلحاظ إن فصل الشئ عن أثره القانوني تسبيب إلى انتفائه في الخارج على ما سيق توضيحه.
3 - الموضع الثالث: أن يكون مصب الحكم موضوعا لحكم شرعي خاص من دون رغبة طبيعية نحوه - في مورد الزجر - أو انزجار طبيعي عنه - في