ومنها: أن يؤخذ بالعام ويلغي الخاص رأسا حملا له على التقية والمداراة ونحوهما.
والالتزام بالتحكيم من بين سائر الاحتمالات غير متعين بل لا بد أن يكون على أساس ضوابط النشر والكتمان التي ذكرناها في محله، وهذه الضوابط كما قد تنتج التحكيم فكذلك قد تنتج غيره من الوجوه على ما أوضحناه في مبحث تعارض الأدلة تفصيلا.
المقام الثاني: في إن (لا ضرر) - بناء على تفسيره بنفي الحكم الضرري - هل هو حاكم على أدلة الأحكام الأولية أو لا؟.
قد اتضح مما سبق منا في البحث عن مفاد الحديث إن في توجيه تفسير الحديث بهذا المعنى مسلكين:
المسلك الأول: ما هو المختار وفاقا للمشهور من إن المراد الاستعمالي بالحديث نفي تحقق الضرر خارجا لكن المراد التفهيمي به نفي جعل حكم يفضي إلى تحمل المكلف للضرر، فيكون نفي الحكم مفادا بلسان التنزيل والكناية حيث نفي المسبب وأريد به نفي سببه التشريعي.
وعلى هذا المسلك يكون حكومة (لا ضرر) على سائر الأدلة واضحة لكونها بلسان التنزيل والمسالمة الذي هو القدر المتيقن من موارد الحكومة، بل هو المقوم له على المختار في حقيقتها كما عرفت، فهو يندرج في المورد السادس من موارد النفي التنزيلي التي سبق ذكرها في الجهة الثانية.
المسلك الثاني: ما ذهب إليه المحقق النائيني (قده) ومن وافقه من أن الضرر المنفي عنوان توليدي للحكم الضرري فيكون المقصود بنفي الضرر نفي سببه التوليدي وهو الحكم.