أن التعدية فيهما على نسق واحد بحكم الوجدان.
(فإن قيل): إن الفعل المجرد المتعدي يصح استعماله من دون نسبة إلى المفعول كأن يقال: (ضرب زيد) ولا يصح ذلك في (فاعل) بأن يقال (ضارب زيد) وهذا دليل الفرق المذكور.
(قيل): إن هذا مجرد ادعاء لا يسنده دليل لعدم ثبوت فرق بين البابين من هذه الجهة.
وثانيا: إن المقدار الذي ذكره لا يفسر ما يستفاد في مختلف موارد المادة من الاشتراك أو التكرار أو الامتداد أو نحو ذلك - بل ربما كانت استفادة التعمد أحيانا بهذا الاعتبار لان التكرار ونحوه يناسب التقصد والعمد كما ذكر في النظر إلى الأجنبية أن النظرة الأولى تقع لا عن قصد بخلاف النظرة بعد النظرة.
وثالثا: إنه لم يتضح الترابط بين اقتضاء باب المفاعلة للنسبة إلى المفعول وبين اقتضائه التعمد فإن ملحوظية تعدي النسبة إلى المفعول في هذه الهيئة لا يقتضي كون الفعل قصديا فإن تلك جهة لفظية فحسب كما لا يخفى.
نعم قد تدل الكلمة على التعمد في بعض الموارد لدلالته على السعي نحو المادة - ومصدر هذه الدلالة إنما هو المبدأ الخفي - كما ذكرناه آنفا - دون دلالة الهيئة على التعدية - ولا يلزم تحقق المادة حينئذ أصلا كما في خادعه وقاتله وغالبه وما إلى ذلك.
المسلك الثالث: ما عن المحقق الطهراني من أن معنى باب المفاعلة هو معنى المجرد إلا أن المجرد يدل على أصل حركة المادة فحسب وباب المفاعلة يدل على تلك الحركة بعينها بنحو من الطول والامتداد - وهو الامتداد في نسبتها بين اثنين - فمعنى (هاجر) و (طالب) و (سافر) و (باعد)