عن أن يتنازل عنه بعوض يعلم بأنه أقل قيمة منه - مثلا - فالحكم الامضائي في ذلك احترام لإرادة المكلف وسلطنته على ماله وليس تسبيبا إلى الضرر عليه.
ولو أن (لا ضرر) اقتضى نفي الأحكام الامضائية التي هي من هذا القبيل اقتضى ذلك أن ينفي صحة المعاملة الغبنية من أصلها مع أن المتسالم عليه بين فقهائنا بل جميع فقهاء المذاهب الاسلامية بل في جميع القوانين الوضعية صحة ذلك، وهكذا في أمثالها.
الوجه الثاني: ما ذكره المحقق الأصفهاني من إن مفاد الحديث حكم امتناني ولا منة في رفع اللزوم في حالة العلم بالضرر ونحوها (1). وأجيب عنه في كلمات المحقق الإيرواني بمنع ذلك بدعوى إن المنة مقتضية لحفظ العباد عن المضار وإن هم أقدموا عليه، فلربما يندمون ويريدون الفسخ فيكون لهم مخلص عنه (2).
وهذا الوجه وإن لم يكن يخلو عن تأمل إلا إن الجواب عنه بما ذكر ضعيف لان صدق (الضرر) على مثل هذه المعاملة إنما هو بلحاظ قصر النظر إلى مرحلة المعاوضة ولحاظ القيمة السوقية وأما إذا لوحظ مجموع الاغراض والدواعي فلا يصدق عليه هذا العنوان كثيرا، لأن هذه المعاملة قد تستوجب له نفعا أزيد كما إذا كان داعيه على اشترائه بثمن أزيد من القيمة السوقية تكميل المال الناقص الموجود عنده، فما اشتراه بلحاظ كونه مكملا للناقص تكون قيمته له أزيد من الثمن الذي اشتراه به بكثير، وهكذا قد يكون في شرائه كذلك دفعا لضرر أكثر كما لو اشتراه من جهة صيانة بعض أجهزته عن الشغل والوقوف الذي يترتب عليه ضرر كثير، أو اشتراه لمعالجة نفسه مع ندرة